للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن إدريس: ليس أصلح للقضاء. فنكت [١] هارون بإصبعه وقال لَهُ: وددت أني لم أكن رأيتك. قَالَ له ابن إدريس: وأنا وددت أني لم أكن رأيتك. فخرج، ثم دخل حفص بن غياث. فقال لَهُ كما قَالَ لنا. فقبل عهده وخرج. فأتانا خادم معه ثلاثة أكياس في كل كيس خمسة آلاف. فَقَالَ: إن أمير المؤمنين يقرئكم السلام ويقول لكم قد لزمتكم في شخوصكم مئونة فاستعينوا بهذه في سفركم. قال وكيع: فقلت لَهُ: أقرئ المؤمنين السلام، وقل لَهُ قد وقعت مني بحيث يحب أمير المؤمنين، وأنا عنها مستغن وفي رعية أمير المؤمنين من [٢] هو أحوج إليها مني، فإن رأى أمير المؤمنين بصرفها إلى من أحب.

وأما ابن إدريس فصاح بِهِ: مر من هنا. وقبلها حفص، وخرجت الرقعة إلى ابن إدريس من بيننا: عافانا الله وإياك، سألناك أن تدخل في أعمالنا فلم تفعل، ووصلناك من أموالنا فلم تقبل، فإذا جاءك ابني المأمون فحدثه إن شاء الله. فَقَالَ للرسول: إذا جاءنا مع الجماعة حدثناه إن شاء اللَّه. ثم مضينا، فلما صرنا إلى الياسرية حضرت الصلاة، فنزلنا نتوضأ للصلاة. قال وكيع: فنظرت إلى شرطي محموم نائم في الشمس، عليه سواده، فطرحت كسائي عليه وقلت: تدفأ إلى أن نتوضأ. فجاء ابن إدريس فاستلبه/ [ثم قال لي: رحمته] [٣] لا رحمك الله، في الدنيا أحد يرحم مثل ذا؟ ثم التفت إلى حفص فقال لَهُ: يا حفص، [قد] [٤] علمت حين دخلت إلى سوق أسد، فخضبت لحيتك، ودخلت الحمام، أنك ستلي القضاء، لا والله لا كلمتك حتى تموت. قَالَ: فما كلمه حتى مات [٥] .

أخبرنا محمد بن ناصر، أخبرنا محفوظ بن أحمد، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلي مُحَمَّد بْن الحسين الجازري [٦] ، أخبرنا المعافى بن زكريا، حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قَالَ: حدثني أَبِي، حدثنا موسى بن عبد الرحمن بن مسروق الكنْدِي، حدثنا ابن


[١] في الأصل: «فنكث» .
[٢] في الأصل: «وفي رعيته هو أحوج» .
[٣] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، وأضفناه من تاريخ بغداد.
[٤] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، وأضفناه من تاريخ بغداد.
[٥] تاريخ بغداد ٩/ ٤١٦، ٤١٧.
[٦] في الأصل: «الحارزي» انظر: الأنساب للسمعاني ٣/ ١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>