للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، ثم نضح عليه الخل/ والملح، فلما أحس بالموت قال: لي ودائع عند الناس لا تؤدى إليكم أبدا، فأخرجوني ليعلموا أني حي فيردوا المال، فقال الحجاج: أخرجوه، فأخرج إلى باب المدينة، فقال: من كان لي عنده شيء فهو في حل منه، ثم قتل.

وذكر الحجاج [١] الشعبي فقال: أين هو؟ فقال يزيد بن أبي مسلم: بلغني أنه لحق بقتيبة بن مسلم بالري، وكان الحجاج قد نادى: من لحق بقتيبة فهو آمن، فلحق به الشعبي، فقال ليزيد: ابعث إليه فليؤت به، فكتب إلى قتيبة: أن ابعث الشعبي.

قال الشعبي وكان صديقا لابن [أبي] [٢] مسلم: فلما قدمت على الحجاج لقيته، فقلت: أشر عليّ، فقال: ما أدري غير أن أعتذر ما استطعت. فلما دخلت سلمت عليه بالإمرة، ثم قلت: أيها الأمير، إن الناس قد أمروني أن أعتذر إليك بغير ما يعلمه الله عز وجل أنه الحق، وأيم الله لا أقول في هذا المقام إلا حقا، وقد والله حرضنا عليك وجهدنا كل الجهد، فما كنا فيما كنا أتقياء بررة، فإن سطوت فبذنوبنا، وإن عفوت فبحلمك، والحجة لك. فقال: أنت والله أحب إلي قولا ممن يدخل وسيفه يقطر من دمائنا، ثم يقول: ما فعلت. قد أمنت عندنا يا شعبي.

أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك وابن ناصر، قالا: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار، قال: أخبرنا القاضي إسماعيل بن سعيد بن سويد، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر بْن الأنباري، قَالَ: حدثنا أبو الحسن بن البراء، قال: حدثنا العباس بن عبد الله، قال:

حدثني سليمان بن أحمد، عن عيسى بن موسى، عن الشعبي، قال:

انطلق بي إلى الحجاج وأنا في حلق الحديد، فلما كنت بباب القصر استقبلني يزيد بن أبي مسلم، وكان صديقا لي، فقال لي: يا شعبي وآها لما بين دفتيك من العلم، وليس بيوم شفاعة، أقر للأمير بالشرك والنفاق على نفسك فبالحرى تنجو وما أراك بناج.

ثم دخلت القصر فاستقبلني محمد بن الحجاج، فقال لي مثل مقالة يزيد، فلما دخلت على الحجاج قال لي: يا شعبي ألم أشرفك ولا يشرف مثلك؟ / ألم أوفدك ولا يوفد


[١] تاريخ الطبري ٦/ ٣٧٤.
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>