للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعث رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وسلم إِلَى عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ وَإِلَى الْحَارِثِ بْنِ عَوْفٍ، وَهُمَا قَائِدَا غَطْفَانَ، فَأَعْطَاهُمَا ثُلُثَ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَا بِمَنْ مَعَهُمَا عَنْهُ، وَكَتَبُوا الْكِتَابَ وَلَمْ تَقَعِ الشَّهَادَةُ، وَإِنَّمَا كَانَتْ مُرَاوَضَةً وَمُرَاجَعَةً، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَابْنِ عُبَادَةَ فَأْخَبَرَهُمَا بِذَلِكَ فَقَالا: هَذَا شَيْءٌ تُحِبُّهُ أَوْ [شَيْءٌ] أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ، قَالَ: لا بَلْ أَصْنَعُهُ لأَجْلِكُمْ، فَإِنَّ الْعَرَبَ قَدْ رَمَتْكُمْ عْنَ قْوَسٍ وَاحِدَةٍ، فَقَالا: قَدْ كُنَّا نَحْنُ وَهُمْ عَلَى الشِّرْكِ، وَهُمْ لا يَطْمَعُونَ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهَا تْمَرَةً، فَحِينَ أَذِنَ اللَّهُ بِالإِسْلامِ نَفْعَلُ هَذَا [١] مَا لَنَا إِلَى هَذَا حَاجَةٌ وَاللَّهِ لا نُعْطِيهِمْ إِلا السَّيْفَ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا/ قَالَ: فَأَنْتُمْ وَذَاكَ، فَتَنَاوَلَ سَعْدٌ الصَّحِيفَةَ الَّتِي كَتَبُوهَا فَمَحَاهَا، وَقَالَ لِيَجْهَدُوا عَلَيْنَا، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمِينَ وُجَاهَ الْعَدُوِّ لا يَزُولُونَ غَيْرَ أَنَّهُمْ يعتقبون خَنْدَقَهُمْ وَيَحْرُسُونَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ سَلَمَةَ بْنَ أَسْلَمَ فِي مائتي رجل، وزيد بن حارثة في ثلاثمائة رَجُلٍ يَحْرُسُونَ الْمَدِينَةَ وَيُظْهِرُونَ التَّكْبِيرَ، وَكَانُوا يَخَافُونَ عَلَى الذَّرَارِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ وَكَانَ عَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ عَلَى حَرَسِ قُبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَشْرَةٍ مِنَ الأنصار يحرسونه كُلَّ لَيْلَةٍ، فَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَتَنَاوَبُونَ بَيْنَهُمْ فَيَغْدُو أَبُو سُفْيَانَ يَوْمًا، وَيَغْدُو خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ يَوْمًا وَيَغْدُو عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَوْمًا، وَيَغْدُو هُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ يَوْمًا، وَيَغْدُو عِكْرِمَةُ ِبْنُ أَبِي جَهْلٍ يَوْمًا، وَيَغْدُو ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمًا، فَلا يَزَالُونَ يُجِيلُونَ خَيْلَهُمْ وَيَتَفَرَّقُونَ مَرَّةً وَيَجْتَمِعُونَ أُخْرَى، وَيُنَاوِشُونَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُقَدِّمُونَ رُمَاتَهُمْ فَيَرْمُونَ، فَرَمَى حِبَّانُ بْنُ الْعَرَقَةِ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ بِسَهْمٍ، فَأَصَابَ أَكْحَلَهُ، فَقَالَ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْعَرَقَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَرَّقَ اللَّهُ وَجْهَكَ فِي النَّارِ» ، وَيُقَالُ: الَّذِي رَمَاهُ أَبُو أُسَامَةَ الْجُشَمِيُّ.

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْن أبي طاهر البزاز، قَالَ: أخبرنا أبو محمد الجوهري، قال:

أخبرنا ابن حيوية، قال: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْفَهِمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ [أَخْبَرَنَا يزيد بن هارون] [٢] .


[١] كذا في الأصل، وفي أ: «ثمرة، فكيف وقد أكرمنا الله بالإسلام نفعل هذا» .
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل وفي أ: أخبرنا ابن أبي طاهر بإسناده عن محمد بن سعد، ورواه الإمام أحمد أيضا قال: «أخبرنا يزيد بن هارون، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عن جده، عن عائشة» .
وما أوردناه لإيضاح السند.

<<  <  ج: ص:  >  >>