للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتَغْفَرَ لإِنْسَانٍ قَطُّ يَخُصُّهُ إِلا اسْتُشْهِدَ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْلا مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ، فَتَقَدَّمَ فَاسْتُشْهِدَ.

قَالَ سَلَمَةُ: ثُمَّ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَنِي إِلَى عَلِيٍّ، وَقَالَ: «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ الْيَوْمَ رَجُلا يُحِبَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ أَرْمَدَ، فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَيْنَيْهِ، ثُمَّ أَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَخَرَجَ مَرْحَبٌ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ، فَقَالَ:

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبٌ ... شَاكِي السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبٌ

إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تُلْهِبُ

فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُجِيبًا:

أنا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ ... كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَةِ

أُوفِيهُمُ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَةِ

فَفَلَقَ رَأْسَ مَرْحَبٍ، وَكَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيْهِ [١] . قَالَ ابْنُ سَعْدٍ [٢] : وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ خَيَبَرَ، قَالَ الْقَوْمُ: الآنَ نَعْلَمُ أَسُرِّيَةٌ صَفِيَّةٌ أَمِ امْرَأَةٌ، فَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً فَإِنَّهُ سَيَحْجِبُهَا، وَإِلا فَهِيَ سُرِّيَةٌ، فَلَمَّا خَرَجَ أَمَرَ بِسِتْرٍ يُسْتَرُ دُونَهَا، فَعَلِمَ النَّاسُ أَنَّهَا امْرَأَةٌ، فَلَمَّا أَرَادَتْ أَنْ تَرْكَبَ أَدْنَى فَخْذَهُ [مِنْهَا لِتَرْكَبَ عَلَيْهَا، فَأَبَتْ وَوَضَعَتْ رُكْبَتَهَا عَلَى فَخْذِهِ] [٣] ثُمَّ حَمَلَهَا، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ نَزَلَ فَدَخَلَ الْفُسْطَاطَ وَدَخَلْتُ مَعَهُ، وَجَاءَ أَبُو أَيُّوبَ فَبَاتَ عِنْدَ الْفُسْطَاطِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ الْحَرَكَةَ، فَقَالَ: «مَنْ هَذَا» ؟ فَقَالَ: أَنَا أَبُو أَيُّوبَ، فَقَالَ:

«مَا شَأْنُكَ» ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جَارِيَةٌ شَابَّةٌ حَدِيثَةُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ، وَقَدْ صَنَعَتْ بِزَوْجِهَا مَا صَنَعَتْ، فَلَمْ آمَنْهَا، قُلْتُ إِنْ تَحَرَّكَتْ كُنْتُ قَرِيبًا مِنْكَ. فَقَالَ: «رَحِمَكَ اللَّهُ يَا أَبَا أيوب» مرتين.


[١] الخبر في طبقات ابن سعد ٢/ ١/ ٨٠، ٨١.
[٢] الخبر في طبقات ابن سعد ٢/ ١/ ٨٤، عن بكر بن عبد الرحمن قاضي أهل الكوفة، عن عِيسَى بْنُ الْمُخْتَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عِنْ مُقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
[٣] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، وأوردناه من ابن سعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>