للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ وَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ، وَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرْكِضُ بَغْلَتَهُ [١] قِبَلَ الْكُفَّارِ.

قَالَ الْعَبَّاسُ: وَأَنَا آخِذٌ بِلِجَامِ بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكُفُّهَا، وَهُوَ لا يَأْلُو مَا أَسْرَعَ [٢] نَحْوَ الْمُشْرِكِينَ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذٌ بِغَرْزِ [٣] رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال [رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] [٤] : «يَا عَبَّاسُ، نَادِ يَا أَصْحَابَ السَّمُرَةِ» [٥] . قَالَ: وَكُنْتُ رَجُلا صَيِّتًا [٦] ، فَقُلْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: أَيْنَ أصحاب السمرة؟ قال: فو الله لَكَأَنَّ عَطْفَتَهُمْ حِينَ سَمِعُوا صَوْتِي عَطْفَةَ الْبِكْرِ عَلَى أَوْلادِهَا [٧] . فَقَالُوا: يَا لَبَّيْكَ يَا لَبَّيْكَ. يَا لَبَّيْكَ، وَوَافَاهُمُ [٨] الْمُسْلِمُونَ فَاقْتَتَلُوا هُمْ وَالْكُفَّارُ، فَنَادَتِ الأَنْصَارُ [يَقُولُونَ] [٩] : يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ. ثُمَّ قَصَّرَتِ الدَّعْوَةُ عَلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ [١٠] ، فَنَادُوا: يَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ. قَالَ: فنظر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ كَالْمُتَطَاوِلِ عَلَيْهَا إِلَى قِتَالِهِمْ فَقَالَ [رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] [١١] :

«هَذَا حِينَ حَمِيَ الْوَطِيسُ» [١٢] . قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَصَيَاتٍ فَرَمَى بِهِنَّ وُجُوهَ الْكُفَّارِ، ثُمَّ قَالَ: «انْهَزَمُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، [انْهَزَمُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ] » [١٣] . قَالَ: فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ، فَإِذَا الْقِتَالُ عَلَى هَيْئَتِهِ فِيمَا أَرَى/، [قال] [١٤] : فو الله ما هو إلا أن رماهم رسول


[١] أي: جعل يحثها برجله الشريفة لتسرع في السير.
[٢] أي: لا يبطئ في الإسراع نحو المشركين.
[٣] الغرز: ركاب الرجل من جلد مخروز يعتمد عليه في الركوب قد وردت في الأصل: «بفرس» .
[٤] ما بين المعقوفتين: من المسند.
[٥] أي: أصحاب الشجرة المسماة بالسمرة والتي بايعوا تحتها بيعة الرضوان.
[٦] أي: قوي الصوت.
[٧] أي: عودتهم إلى مكانهم وإقبالهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عطفة البكر على أولادها فيها انجذاب الأمهات حين حنت على أولادها.
[٨] في المسند: «وأقبل المسلمون» .
[٩] ما بين المعقوفتين: من المسند.
[١٠] في رواية: «قصرت الدعوة» ، أي اقتصر النداء والاستغاثة على بني الحارث بن الخزرج.
[١١] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، وأوردناه من المسند.
[١٢] حمي الوطيس: كناية عن شدة الحرب.
[١٣] ما بين المعقوفتين: من المسند.
[١٤] ما بين المعقوفتين: من المسند.

<<  <  ج: ص:  >  >>