ومدينة الإسكندر عَلَى ساحل البحر، بينها وبين مصر أربعون فرسخا، بناها الإسكندر الأَوَّل، وَهُوَ ذو القرنين، في ثلاثمائة سَنَة.
وبلغنا أَن أهلها مكثوا سبعين سَنَة لا يمشون فِيهَا بالنهار إلا بخرق سود حيال أعينهم، مخافة عَلَى أبصارهم من شدة بياض حيطانها. وفيها المنارة الَّتِي هِيَ أحد عجائب الدنيا، يصعد عَلَى أعلاها مشيا ولا يبين لمن يصعدها أَنَّهُ يرتقي، لأنه يدور ولا ينقل قدميه عَلَى درج، إِنَّمَا يمشي كأنه عَلَى الأَرْض، وكان فيها سوى أهلها ستمائة ألف من الْيَهُود خولا لأهلها.
ومدينة فرعون التي كان ينزلها، كان لها سبعون بابا، وجعل حيطانها بالحديد، والصفر مبنية، وأجرى فِيهَا الأنهار، ونصب سريره فِي وسط الأنهار، فكان الماء يجري تحت سريره بمقدار يستحسن ولا يضر.
ويقال: إِن أنزه الأَرْض وأجمعها طيبا وحسن مستشرف سمرقند. قَالُوا: وأحسن الأَرْض مصنوعة الري، وأحسنها مفروقة جرجان وطبرستان، وأحسنها مستخرجة نيسابور، وأحسنها قديما وحديثا جنديسابور، وَلَهَا حسن الأنهار، وَأَعْظَم بلاد اللَّه بركة الشام، وأكثرها أنهارا البصرة، وأعدلها هواء اليمن وأغناها من الدواب والبرس أصفهان، وأرشها العراق.
وذكر أَبُو مَنْصُور الأزهري: أَن جابلق وجابلس مدينتان، إحداهما بالمشرق، والأخرى بالمغرب، ليس وراهما.
وَقَالَ بَعْضهم: بفتح اللام فيهما.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن محمد القزاز، أخبرنا أَحْمَدُ بْن عَلِي بْن ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طالب ابن عُمَر بْن إِبْرَاهِيمَ الفقيه، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن زنجي الكاتب، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، أَخْبَرَنَا عسيل بْن ذكوان، قَالَ: قَالَ الأصمعي:
أَحْسَن الدنيا ثلاثة أنهار، نهر الأيلة، وغوطة دمشق، وسمرقند، وحشوش الدنيا ثلاثة: