للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه [١] ، ونأينا عنه، ثم بعضنا صدقه وتابعه، وبعضنا باعده وكذبه، فكنت فيمن كذبه وقاتله، ثم إن الله تعالى أخذ بقلوبنا فهدانا به، فتابعناه [٢] . فقال: «أنت سيف من سيوف الله سله على المشركين» ، ودعا لي بالنصر، فسميت سيف الله بذلك، فأنا من أشد المسلمين على المشركين. فَقَالَ: صدقتني يا خالد، أخبرني إلام تدعون؟ قال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، والإقرار بما جاء به من عند الله، قال: فمن لم يجبكم؟ قال: فالجزية، قَالَ: فإن لم يجبكم ويعطها، قال: نؤذنه بحرب، ثم نقاتله، قال: فما منزلة الذي [يدخل فيكم و] يجيبكم إلى هذا الأمر اليوم؟

قال: منزلتنا [واحدة] [٣] قال: هل لمن دخل فيه اليوم مثل ما لَكُمْ من الأجر؟ قال: نعم، قال: وكيف يساويكم وقد سبقتموه، قال: إنا دخلنا في هذا الأمر ونبينا حي بين أظهرنا يأتيه خبر السماء، وحق لمن رأى ما رأينا أن يسلم ويتابع [٤] ، وإنكم أنتم لم تروا ما رأينا، ولم تسمعوا ما سمعنا من العجائب والحجج، فمن دخل في هذا الأمر بنية حقيقية كان أفضل، فقال له: صدقتني، وقلب الترس ومال مع خالد، وقال: علمني الإسلام، فمال به خالد إلى فسطاطه، فشن عليه ماء، ثم صلى به ركعتين، وحملت الروم مع انقلابه إلى خالد، وهم يرون أنها منه حيلة، فأزالوا المسلمين عن مواقفهم إلا المحامية، عليهم عكرمة والحارث بن هشام.

وركب خالد ومعه جرجة/ وتراجعت الروم إلى مواقفهم فزحف خالد حتى تصافحوا بالسيوف، فضرب فيهم خالد وجرجة من لدن ارتفاع النهار إلى جنوح الشمس للغروب، ثم أصيب جرجة، ولم يصل صلاة سجد فيها إلا الركعتين [٥] اللتين أسلم عليهما، وصلى الناس الظهر والعصر إيماء، وتضعضع الروم، ونهد خالد بالقلب حتى كان بين خيلهم [٦] ورجلهم وهربوا، فانفرج المسلمون لهم، فذهبوا في البلاد، وأقبل المسلمون على الرجل ففضوهم، فاقتحموا في خندقهم، فتهافت عشرون ومائة ألف،


[١] في الطبري: «فنفرنا عنه» .
[٢] في الأصل: «فبايعناه» ، وما أوردناه من أ، والطبري.
[٣] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصول. وأوردناه من الطبري.
[٤] في الطبري: «ويبايع» .
[٥] في الأصل: «ولم يصل سوى تلك الركعتين» وما نقلناه من الطبري.
[٦] في الأصل: «كان من خيلهم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>