للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنِ الرَّبِيعِ] [١] / وَأَبِي عُثْمَانَ وَأَبِي الْحَارِثَةِ وَأُبَيٍّ المجالد بإسنادهم، قَالُوا:

كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِذَا بَعَثَ عُمَّالَهُ يَشْتَرِطُ عَلَيْهِمِ: أَنْ لا تَتَّخِذُوا عَلَى الْمَجَالِسِ الَّتِي تَجْلِسُونَ فِيهَا لِلنَّاسِ بَابًا، وَلا تَرْكَبُوا الْبَرَاذِينَ، وَلا تَلْبَسُوا الثِّيَابَ الرِّقَاقَ، وَلا تَأْكُلُوا النَّقِيَّ، وَلا تَغِيبُوا عَنْ صَلاةِ الْجَمَاعَةِ، وَلا تُطْمِعُوا فِيكُمُ السُّعَاةَ.

فمر يوما في طريق من طرق المدينة وفي ناحية [منها] [٢] رجل يسأل، فقال: يا عمر تستعمل العمال وتعهد إليهم عهدك، ثم ترى أن ذلك قد أجزاك، كلا والله إنك لمأخوذ إذا لم تعاهدهم، قال: وما ذلك؟ قال: عياض بن غنم يلبس اللين، ويفعل ويفعل، فقال: أساع؟ قال: بل مؤدي الذي عليه فبعث إلى محمد بن مسلمة أن الحق بعياض بن غنم فآتني به كما تجده، فانتهى إلى بابه وإذا عليه بواب، فقال له: قل لعياض على الباب رجل يريد أن يلقاك، قال: ما تقول؟ قال: قل له ما أقول لك. فذهب كالمتعجب، فأخبره، فعرف عياض أنه أمر حدث، فخرج فإذا محمد بن مسلمة، فرحب به وقال: ادخل، وإذا عليه قميص رقيق لين، فقال: إن أمير المؤمنين أمرني أن لا يفارق سوادي سوادك حتى أذهب بك كما أجدك، ونظر في أمره فوجد الأمر كما حدثه السائل.

فلما قدم به على عمر وأخبره، دعا بدراعة وكساء وحذاء وعصا، وقال: أخرجوه من ثيابه، فأخرج منها وألبسه ذلك، ثم قال: انطلق بهذه الغنم فأحسن رعيتها وسقيها والقيام عليها، واشرب من ألبانها، واجتز من أصوافها، وارفق بها، فإن فضل شيء فأردده علينا. فلما مضى رده، وقال: أفهمت؟ / قال: نعم، والموت أهون من هذا، قال: كذبت، ولكن ترك الفجور أهون من هذا. ثُمَّ قال له: أرأيت لو رددتك أتراه يكون فيك خير؟ قال: نعم والله يا أمير المؤمنين، ولا يبلغنك عني شيء بعد هذا، فرده ولم يبلغه عنه شيء إلا ما أحب حتى مات.

[وحدثنا سيف، عن عبد الملك] [٣] ، عن عاصم، قال: مات عياض بن غنم بعد أبي عبيدة، فأمر عمر على عمله سعيد بن عامر بن جذيم، فمات سعيد فأمر عمر مكانه عمير بن سعيد الأنصاري.


[١] ما بين المعقوفتين: من أ، والأصل: «روى المؤلف بإسناده عن أبي عثمان» .
[٢] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، وأوردناه من أ.
[٣] في الأصل: «روى المؤلف بإسناده عن عاصم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>