للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين، فأقام سعد بعد الفتح شهرين بالقادسية، ثم ارتحل بعد الفراغ من أمرها لأيام بقين من شوال، ولقي جماعة من أصحابه جموعا من فارس يوم برس فهزموهم إلى بابل، فلحقوهم فقتلوا منهم.

وأقام سعد ببابل أياما ثم جاء إلى كوثى، وأتى المكان الذي حبس فيه إبراهيم عليه السلام، وقدم سعد زهرة بن الحوية إلى بهرسير، فتلقاه شيرزاد بساباط بالصلح وتأدية الجزية، فبعثه إلى سعد، ولحق سعد بزهرة فنزلوا بهرسير، وبث سعد الخيل فأغارت ما بين دجلة إلى من له عهد من أهل الفرات، فأصابوا مائة ألف فلاح، فكتب بذلك إلى عمر، فكتب عُمَر: إذا كان الفلاحون مقيمون لم يعينوا عليكم فهو أمانهم، ومن هرب فأدركتموه فشأنكم بِهِ.

فخلى سبيلهم، وتحصنت العجم بيهرسير، ونصب عليهم سعد عشرين منجنيقا.

وحصروهم شهرين حتى أكلوا الكلاب والسنانير، وربما خرج الأعاجم يمشون على المسنيات [١] المشرفة على دجلة لقتال المسلمين فلا يقومون لهم، [ثم تجردوا يوما للحرب، فقاتلهم المسلمون فلم يثبتوا لهم] [٢] ، فنزلوا، ووقع سهم في زهير بن الحياة، فقال زهرة: أخرجوه، فقال: دعوني فإن نفسي معي ما دام في لعلي أصيب منهم بطعنة أو ضربة أو خطوة، فمضى نحو العدو، فضرب بسيفه شهربراز فقتله، ثم أحيط به فقتل.

كل هذا وملكهم متحصن في مدينة، فبعث إلى المسلمين رسولا يقول لهم: إن الملك يقول لكم هل لكم في المصالحة على أن لنا ما يلينا من دجلة وجبلنا، ولكم ما يليكم من دجلة إلى جبلكم؟ أما شبعتم لا أشبع الله بطونكم. فكلمه الأسود بن/ قطبة بكلمات فولى فقيل له: ما قلت له؟ قال: والله ما أدري وإنما هي كلمات جرت على لساني.

فخرج من القوم رجل يستأمن، فأمنوه، فقال: والله ما بقي في المدينة أحد فما يمنعكم، فتسورها الرجال وقالوا له: لأي شيء هربوا؟ فقال: بعث الملك يعرض عليكم الصلح فأجبتموه بأنه لا يكون بيننا وبينك صلح حتى نأكل من عسل أفريذين بأترج كوثى.


[١] المسناة: ضفيرة تقام على النهر لترد الماء.
[٢] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، وورد مكانه: «فلم يلثوهم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>