للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخبرنا عبد الرحمن، قال: أخبرنا أحمد بن عَلِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السَّلَمَيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بْنُ سَابِقٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مُقَابِلُ بْنُ حِبَّانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى الأَرْضِ خَمْسَةَ أَنْهَارٍ: سَيْحُونَ وَهُوَ نَهْرُ الْهِنْدِ، وَجَيْحُونَ وَهُوَ نَهْرُ بَلْخَ، وَدِجْلَةَ وَالْفُرَاتَ وَهُمَا نَهْرَا الْعِرَاقِ، وَالنِّيلَ، وَهُوَ نَهْرُ مِصْرَ. أَنْزَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ وَاحِدَةٍ مِنْ عُيُونِ الْجَنَّةِ مِنْ أَسْفَلِ دَرَجَةٍ مِنْ دَرَجَاتِهَا عَلَى جَنَاحَيِّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ فَاسْتَوْدَعَهَا الْجِبَالُ وَأَجْرَاهَا فِي الأَرْضِ، وَجَعَلَ فِيهَا منَافِعَ لِلنَّاسِ فِي أَصْنَافِ مَعَايِشِهِمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ في الْأَرْضِ ٢٣: ١٨ [١] .

فَإِذَا كَانَ عِنْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى جِبْرِيلَ فَرَفَعَ مِنَ الأَرْضِ الْقُرْآنَ وَالْعِلْمَ كُلَّهُ وَالْحَجَرَ مِنْ رُكْنِ الْبَيْتِ وَمَقَامَ إِبْرَاهِيمَ وَتَابُوتَ مُوسَى بِمَا فِيهِ. وَهَذِهِ الأَنْهَارَ الخمسة، فرفع كُلَّ ذَلِكَ إِلَى السَّمَاءَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ به لَقادِرُونَ ٢٣: ١٨ [٢] .

فَإِذَا رُفِعَتْ هَذِهِ الأَشْيَاءِ مِنَ الأَرْضِ فُقِدَ خَيْرُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، فَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ آَخَرَ: «نَهْرَانِ مُؤْمِنَانِ وَنَهْرَانِ كَافِرَانِ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ، وَأَمَّا الْكَافِرَانُ فَدِجْلَةُ وَنَهْرُ بَلْخَ» . قَالَ ابْن قُتَيْبَةَ: قَالَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّشْبِيهِ لأَنَّ النِّيلَ وَالْفُرَاتَ يُعْرَضَانِ عَلَى الأَرْضِ وَيَسْقِيَانِ بِلا تَعَبٍ وَلا مَئُونَةٍ، وَدِجْلَةُ وَنَهْرُ بلخ لا يسقيان إلا قليلا بتعب مئونة، فَهَذَانِ فِي قِلَّةِ النَّفْعِ كَالْكَافِرِينَ، وَهَذَانِ فِي كثرة/ النفع كالمؤمنين.


[١] سورة: المؤمنون، الآية: ١٨. والحديث: أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد ١/ ٥٧، وابن حبان في المجروحين ٣/ ٣٢٣، والسيوطي في الدر المنثور ٥/ ٨، والقرطبي في التفسير ١٢/ ١١٣.
[٢] سورة: المؤمنون، الآية: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>