للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أول [١] ، قَالَ: هات، فرفع الْحَارِث السَّيْف، فلما نظر الشيخ أنه قَدْ أهوى بِهِ إِلَى رأسه ضرب بطنه ضربة قَدْ منها أمعاءه، ووقعت ضربة الْحَارِث فِي رأسه فسقطا ميتين، فأخذت يا أمير المؤمنين أربعة أفراس وأربعة أسياف، ثُمَّ أقبلت إِلَى الناقة، فقدت أعنة الأفراس بعضها إِلى بَعْض وجعلت أقودها، فقالت لي الجارية: يا عَمْرو، إِلَى أين ولست لي بصاحب ولست كمن رأيت، ولو كنت صاحبي لسلكت سبيلهم، فَقُلْتُ: اسكتي، قالت: فَإِن كنت صادقا فاعطني رمحا أو سيفا فإن غلبتني فأننا لَكَ وإن غلبتك قتلتك، فَقُلْتُ لَهَا: مَا [أنا] [٢] بمعطيك ذَلِكَ وَقَدْ عرفت أصلك وجرأة قومك وشجاعتهم، فرمت بنفسها عَن البعير ثُمَّ أقبلت إلي وَهِيَ ترتجز وتقول:

أبعد شيخي وبعد أخوتي ... أطلب عيشا بعدهم فِي لذتي

هلا يَكُون قبل ذا منيتي

ثُمَّ أهوت إِلَى الرمح وكادت تنتزعه من يدي، فلما رأيت ذَلِكَ منها خفت إِن هِيَ ظفرت بي أَن تقتلني فقتلتها.

فهذا أشد مَا رأيت يا أمير الْمُؤْمِنيِنَ، فَقَالَ عُمَر: صدقت.

قَالَ علماء السير: قتل النعمان وطليحة وعمرو بن معديكرب يَوْم نهاوند وقبورهم هناك.

/ وَقَالَ بَعْض الْعُلَمَاء: دفن عمرو بن معديكرب بروذة [٣] وَهِيَ بَيْنَ قم والري، وهناك مَات.

ورثته امرأة فقالت:

لَقَدْ غادر الركب [٤] الَّذِينَ تحملوا ... بروذة شخصا لا ضعيفا ولا غمرا

فقل لزبيد بَل لمذحج كلها ... فقدتم أبا ثور سبابتكم عمرا

وإن تجزعوا لَمْ تغن ذَلِكَ مغره ... ولكن سلوا الرحمن يعقبكم صبرا


[١] في الأصل: «أنا أبدؤك» .
[٢] ما بين المعقوفتين: من أ.
[٣] معجم ما استعجم ٢/ ٦٨٤، والروض المعطار ٢٧٤.
[٤] في أ: «لقد عادل الركب» .

<<  <  ج: ص:  >  >>