للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما جاء زوجها أخبره الخادم بِمَا جرى بينهما، فَقَالَ: يا عفراء، امنعي ابْن عمك من الخروج، / فقالت: لا يمتنع، وَهُوَ والله أكرم وأشد حياء أَن يقيم بَعْد مَا جرى بينكما، فدعاه وَقَالَ: يا أخي: اتق اللَّه فِي نفسك فَقَدْ عرفت خبرك وأنك إن رحلت تلفت، وو الله مَا أمنعك من الاجتماع معها أبدا، وإن شئت لأنزلن لَكَ عَنْهَا. فجزاه خيرا وأثنى عَلَيْهِ، وَقَالَ: إنها كَانَ الطمع فِيهَا، والآن فَقَدْ يئست وحملت نفسي عَلَى الصبر، ولي أمور لا بد من الرجوع إِلَيْهَا، وإن وجدت بي قوة، وإلا عدت إليكم وزرتكم.

فزودوه وشبعوه، وانصرف، فأصابه غشي وخفقان. فكان كلما أغمي عَلَيْهِ ألقى عَلَى وجهه خمارا كانت عفراء قَدْ زودته إياه فيفيق، فلقيه فِي طريقه عراف اليمامة ابْن مكحول، فسأله عما بِهِ وهل بِهِ خبل، فَقَالَ:

وَمَا بي من خبل وَمَا بي جنة ... ولكن عمي يا أخي كذوب

أقول لعراف اليمامة داوني ... فإنك إن داويتني لطبيب

فوا كبدي أمست رفاتا كأنما ... يلذعها بالموقدان لهيب

عشية لا عفراء منك بعيدة ... فتسلو ولا عفراء منك قريب

فو الله مَا أنساك مَا هبت الصبا ... وَمَا عقبتها فِي الرياح جنوب

وإني ليغشاني لذكراك روعة ... لَهَا بَيْنَ جلدي والعظام دبيب

وَقَالَ يخاطب رفيقيه:

خليلي من عليا هلال بْن عامر ... بصنعاء عوجا اليوم فانتظراني

فلا تزهدا فِي الذخر عندي وأجملا ... فإنكما بي اليوم مبتليان

ألما عَلَى عفراء إنكما غدا ... بوشك النوى والبين مفترقان

فيا واشيي عفراء ويحكما بمن ... ومن وإلى من حيثما تشياني

بمن لو رآه غائبا لفديته ... ومن لو رآني غائبا لفداني

مَتَى تكشفا عني القميص تبينا ... بي الضر من عفراء يا فتيان

فَقَدْ تركتني لا أعي لمحدث ... حَدِيثا وإن ناجيته ونجاني

جعلت لعراف اليمامة حكمه ... وعراف حجران هما شفياني

فَمَا تركا من حيلة يعلمانها ... ولا شربة إلا بها سقياني

<<  <  ج: ص:  >  >>