للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جدي محمد بن عبد الكريم، حدثنا الهيثم بْن عدي، أَخْبَرَنَا هِشَام بْن عروة، عَن أَبِيهِ] [١] ، عَن النُّعمان بْن بشير، قَالَ:

استعملني عُمَر بْن الْخَطَّاب- أَوْ عُثْمَان بْن عَفَّان، شك الهيثم- عَلَى صدقات سَعْد بْن هذيم، وهم عذرة، وسلامان، والحارث، وهم من قضاعة، فلما قبضت الصدقة وقسمتها بَيْنَ أهلها، وأقبلت بالسهمين الباقيين إِلَى عُمَر- أَوْ إِلَى عُثْمَان- فلما كنت فِي بلاد عدي فِي حي يقال لهم بنو هند، إِذَا أنا ببيت جرير، فملت إِلَيْهِ، فَإِذَا عجوز جالسة عِنْدَ كسر الْبَيْت، وإذا شاب نائم فِي ظل الْبَيْت، فلما دنوت سلمت، فترنم بصوت لَهُ ضعيف:

جعلت لعراف اليمامة حكمه ... وعراف حجران هما شفياني

فذكر الأبيات، فشهق شهقة خفيفة، فنظرته فَإِذَا هُوَ قَدْ مَات، فَقُلْتُ: أيها العجوز، مَا أظن هَذَا النائم بفناء بيتك إلا قَدْ مَات، قالت: والله إني لأظن ذَلِكَ، فقامت فنظرت إِلَيْهِ، فقالت: فاض ورب مُحَمَّد، فَقُلْتُ: يا أمة اللَّه، من هَذَا؟ قالت: عروة بْن حزام وأنا أمه، قُلْت: فَمَا صيره إِلَى هَذَا؟ قالت: العشق، ولا والله مَا سمعت/ لَهُ أنه منذ سَنَة إلا فِي صدره وَفِي يومنا هَذَا، فإني سَمِعْتُهُ يَقُول:

من كَانَ من أمهاتي باكيا أبدا ... فاليوم إني أراني اليوم مقبوضا

تستمعيه فإني غَيْر سامعة ... إِذَا علوت رقاب الْقَوْم معروضا

قَالَ النعمان: فأقمت والله عَلَيْهِ حَتَّى غسل وكفن وحنط، وصلي عَلَيْهِ، ودفن.

قَالَ: قُلْت للنعمان: فَما دعاك إِلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: احتساب الأجر فِيهِ والله.

وَقَدْ ذكر أَبُو دَاوُد فِي كتاب الزهرة: أَن عروة بْن حزام لما مَات مر بِهِ ركب فعرفوه، فلما انتهوا إِلَى منزل عفراء صاح بَعْضهم، فَقَالَ:

ألا أيها القصر المعقل أهلها ... بحق نعينا عروة بْن حزام

فأجابته فقالت:

ألا أيها الركب المخبون ويحكم ... بحق نعيتم عروة بن حزام


[١] ما بين المعقوفتين: من أ، وفي الأصل: «روى المؤلف بإسناده عن النعمان بن بشير» .

<<  <  ج: ص:  >  >>