للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، أَنَّهُ قَالَ لِعُثْمَانَ حِينُ حُصِرَ:

إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ مِنَ الأَمْرِ مَا تَرَى، فَاخْتَرْ وَاحِدَةً مِنْ ثَلاثٍ: إِنْ شِئْتَ أَنْ نَفْتَحَ لَكَ بَابًا سِوَى الْبَابِ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ فَتَقْعُدَ عَلَى رَوَاحِلِكَ فَتَلْحَقَ بِمَكَّةَ فَلَنْ يَسْتَحِلُّوكَ بِهَا، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَلْحَقَ الشَّامَ وَفِيهَا مُعَاوِيَةُ، وَإِنْ شِئْتَ خَرَجْتَ بِمَنْ مَعَكَ فَقَاتَلْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ. فَقَالَ عُثْمَانُ: أَمَّا قَوْلُكَ آتِي إِلَى مَكَّةَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يُلْحَدُ بِمَكَّةَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَيْهِ نِصْفُ عَذَابِ الأُمَّةِ» فَلَنْ أَكُونَهُ. وَأَمَّا أَنْ آتِيَ إِلَى الشَّامِ، فَلَنْ أكون لأدع دار هجرتي ومجاورة نبي الله صلّى الله عليه وسلّم وَآتِي الشَّامَ. وَأَمَّا قَوْلُكَ إِنِّي أَخْرُجُ بِمَنْ مَعِي أُقَاتِلُهُمْ فَلَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ يَخْلُفُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته بإراقة محجمة دم.

٢٠/ أوروى الواقدي/، عن أشياخ له، عن مُحَمَّد بن مسلمة، قَالَ [١] : خرجت فِي نفر من قومي إلى المصريين، فعظمت حق عثمان وما فِي رقابهم من البيعة، وخوفتهم الفتنة، وأنه ينزع عن هذه الأمة الخصال التي نقمتم عليه، وأنا ضامن لذلك. قَالَ القوم:

فإن لم ينزع؟ قلت: فأمركم إليكم.

فانصرف القوم وهم راضون، ورجعت إلى عثمان، فقلت: أخلني، فأخلاني، فقلت: الله الله يا عثمان فِي نفسك، إن هؤلاء القوم إنما قدموا يريدون دمك، وأنت ترى خذلان أصحابك لك، فأعطاني الرضا وجزاني خيرا.

ثم خرجت من عنده، فأقمت ما شاء الله فيهم، فعادوا له فقَالَ لي: ارجع إليهم فأرددهم، قلتُ: لا والله، لأني ضمنت لهم أمورا [تنزع عنها] [٢] فلم تنزع عن حرف واحد منها. فقَالَ له: الله المستعان.

وجاءني ابن عديس وسودان، فقالا: ألم تعلم أنك زعمت أن صاحبنا نازع عما


[١] الخبر في تاريخ الطبري ٤/ ٣٧٢.
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، أوردناه من الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>