للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضجة فهم المهزومون. فما فجئها إلا الهزيمة، فمضى الزبير فِي وجهه، فسلك وادي السباع، وجاء طَلْحَة سهم غرب [١] يخل ركبته بصفحة الفرس، فلما امتلأ موزجه دما وثقل قَالَ لغلامه: ابغني مكانا أنزل فيه، وتمثل بهذا يقول:

ندمت ندامة الكسعي لما ... شربت رضا بني سهم برغمي

أطعتهم بفرقة آل لأي ... فألقوا للسباع دمي ولحمي

واقتتل الناس [٢] وأقبلوا فِي هزيمتهم يريدون البصرة، فلما رأوا الجمل طافت به مضر، فقالت عائشة: خل يا كعب عن البعير وتقدم بكتاب الله عز وجل فادعهم إليه، ودفعت إليه مصحفا. وأقبل القوم وأمامهم السبئية يخافون أن يجري الصلح، فاستقبلهم كعب بالمصحف، فرشقوه رشقا واحدا، فقتلوه، ثم رموا أم المؤمنين فِي هودجها، فجعلت تنادي: يا بني البقية البقية- ويعلو صوتها- اذكروا الله والحساب، ويأبون إلا إقداما، فقالت: أيها الناس العنوا قتلة عثمان وأشياعهم، فضجوا بالدعاء، فسمع علي، فقَالَ: ما هذه الضجة؟ قالوا: عائشة تدعو ويدعون معها على قتلة عثمان وأشياعهم، فأقبل يدعو ويقول: اللَّهمّ العن قتلة عثمان وأشياعهم. وأرسلت إلى عَبْد الرَّحْمَنِ بن عتاب وعبد الرحمن بن الحارث: اثبتا مكانكما، فاجتلدوا قدام الجمل، والمجنبتان على حالهما.

وكان القتال الأول [٣] يتسحر إلى انتصاف النهار، وأصيب فيه طَلْحَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وذهب فيه الزبير، فلما أووا إلى عائشة وأبى أهل الكوفة إلا القتال، ولم يريدوا إلا عائشة، اقتتلوا حتى تحاجزوا بعد الظهر، وذلك يوم الخميس فِي جمادى الآخرة، فاقتتلوا صدر النهار/ مع طَلْحَة والزبير، وفِي وسطه مع عائشة، وتزاحف الناس، ٣٤/ أفهزمت يمن البصرة يمن الكوفة، وربيعة البصرة ربيعة الكوفة، ونهد علي بمضر الكوفة إلى مضر البصرة.

واقتتلت [٤] المجنبتان حين تزاحفتا قتالا يشبه ما فيه القلبان، وأقبل أهل اليمن


[١] سهم غرب: لا يدرى راميه.
[٢] تاريخ الطبري ٤/ ٥١٣.
[٣] تاريخ الطبري ٤/ ٥١٤.
[٤] تاريخ الطبري ٤/ ٥١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>