للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لك تبا طالما بغيت فِي الإسلام عوجا. ثم قَالَ لأصحابه: لقد قاتلت صاحب هذه الراية- يعني عمرو بن العاص- ثلاثا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذه الرابعة.

وكان علي رضي الله عنه يحمل ويضرب حتى ينثني سيفه، فقتل عمار، فقَالَ عَبْد اللَّهِ بن عمرو لأبيه: يا أبه، قتلتم هذا الرجل فِي يومكم هذا، وقد قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ويحك تقتلك الفئة الباغية» فقَالَ عمرو: أتسمع ما يقول عَبْد اللَّهِ، فقَالَ معاوية: إنك شيخ أخرق، ولا تزال تحدث بالحديث وأنت تدحض فِي بولك، أو نحن قتلنا عمارا، إنما قتل عمارا من جاء به.

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي/ طَاهِرٍ، [أَخْبَرَنَا الْجَوْهَرِيُّ، أخبرنا ابن حيويه، أخبرنا ابن ٤٦/ ب مَعْرُوفٍ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَهْمِ، أَخْبَرَنَا] [١] مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ [٢] :

إِنِّي لأَسِيرُ مَعَ مُعَاوِيَةَ فِي مُنْصَرَفِهِ عَنْ صِفِّينَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: يَا أَبَهْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِعَمَّارٍ: «وَيْحَكَ يَا ابْنَ سُمَيَّةَ، تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» فَقَالَ عَمْرٌو لِمُعَاوِيَةَ: أَلا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ هَذَا؟ قَالَ: فقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا تَزَالُ تَأْتِينَا بِهَنَّةٍ تَدْحَضُ بِهَا فِي بَوْلِكَ، أَنَحْنُ قَتَلْنَاهُ؟ إِنَّمَا قَتَلَهُ الَّذِينَ جَاءُوا بِهِ.

قَالَ علماء السير: ولما قتل عمار حمل علي رضي الله عنه وأصحابه، فلم يبق لأهل الشام صف إلا انتقض، وقتلوا كل من انتهوا إليه حتى بلغوا معاوية، وعلي رضي الله عنه يقول [٣] :

أضربهم ولا أرى معاويه ... الجاحظ العين العظيم الحاويه

ثم نادى علي: يا معاوية، علام يقتل الناس بيننا، هلم أحاكمك إلى الله، فأينا قتل صاحبه استقامت له الأمور، فقَالَ له عمرو: أنصفك [الرجل] [٤] ، فقال معاوية:


[١] ما بين المعقوفتين: من ت، ومكانه في الأصل: «بإسناده عن ابن سعد.
[٢] الخبر في طبقات ابن سعد ٣/ ١/ ١٨٠.
[٣] نسبه في «وقعة صفين لنصر بن مزاحم» إلى الأشتر ٤٥٤.
[٤] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>