للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقَالَ الأشعث: يا معاوية، لأي شيء رفعتم هذه المصاحف؟ قَالَ: لنرجع إلى أمر الله به، تبعثون رجلا ترضون به، ونبعث منا رجلا، ثم نأخذ عليهما أن يعملا بما فِي كتاب الله لا يعدوانه، ثم نتبع ما اتفقا عليه.

فجاء الأشعث إلى علي فأخبره، فقَالَ الناس: قد رضينا، فقَالَ أهل الشام: فإنا قد اخترنا عمرو بن العاص، فقَالَ الأشعث وأولئك الذين صاروا خوارج بعد: فإنا رضينا بأبي مُوسَى الأشعري، فقَالَ علي: إنكم عصيتموني فِي أول الأمر فلا تعصوني الآن، إني لا أرى أن أولي أبا مُوسَى، فقَالَ أولئك: إنا لا نرضى إلا به، قَالَ: فهذا ابن عباس، قالوا: لا نريد إلا رجلا هو منك ومن معاوية سواء، ليس إلى واحد منكما بأدنى منه إلى الآخر، قَالَ: فإني أجعل الأشتر، قالوا: وهل سعر الأرض غير الأشتر؟ قَالَ:

فاصنعوا ما شئتم، فقَالَ الأحنف لعلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إنك قد رميت بحجر الأرض، فإنه لا يصلح لهؤلاء القوم إلا رجل يدنو منهم حتى يصير فِي أكفهم، ويبعد حتى يصير بمنزلة النجم منهم، فإن أبيت أن تجعلني حكما فاجعلني ثانيا أو ثالثا فإنه لن يعقد عقدة إلا ٤٨/ أحللتها، ولن يحل/ عقدة أعقدها إلا عقدت لك أخرى أحكم منها. فأبى الناس إلا أبا مُوسَى. فكتبوا: «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تقاضى عليه علي أمير المؤمنين ... » . فقَالَ عمرو: اكتب اسمه واسم أبيه، وهو أميركم، أما أميرنا فلا، فقَالَ الأحنف بن قيس: لا تمح اسم «إمارة المؤمنين» فإني أخاف إن محوتها لا ترجع إليك أبدا، فأبى ذلك علي، فقَالَ له الأشعث: امح هذا الاسم برحه الله [١] ، فمحي، فقَالَ علي: الله أكبر، سنة بسنة، والله إني لكاتب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الحديبية إذ قالوا: لست رسول الله، ولا نشهد لك به، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك. فكتب: هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان قاضي علي على أهل الكوفة ومن معهم من شيعتهم من المؤمنين والمسلمين، وقاضي معاوية على أهل الشام ومن كان معهم من المؤمنين والمسلمين، إنا ننزل عند حكم الله وكتابه،


[١] في ت: «ببركة الله» .

<<  <  ج: ص:  >  >>