أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ وَقُدَامَةَ، قَالا: لا نَعْلَمُ قُرَشِيَّةً خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ أَبَوَيْهَا مُسْلِمَةً مُهَاجِرَةً إِلا أُمَّ كُلْثُومٍ.
قَالَتْ: كُنْتُ أَخْرُجُ إِلَى بَادِيَةٍ لَنَا فِيهَا أَهْلِي فَأُقِيمُ بِهَا الثَّلاثَ وَالأَرْبَعَ، وَهِيَ نَاحِيَةَ التَّنْعِيمِ، ثُمَّ أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فلا ينكرون ذِهَابِي الْبَادِيَةَ، حَتَّى أَجْمَعْتُ الْمَسِيرَ، فَخَرَجْتُ يَوْمًا مِنْ مَكَّةَ كَأَنِّي أُرِيدُ الْبَادِيَةَ، فَلَمَّا رَجَعَ مَنْ تَبِعَنِي إِذَا رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ [قَالَ: أَيْنَ تُرِيدِينَ؟ قُلْتُ: وَمَا مَسْأَلَتُكَ وَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ] [١] اطْمَأْنَنْتُ إِلَيْهِ لِدُخُولِ خُزَاعَةَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَقْدِهِ- فَقُلْتُ: إِنِّي امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَإِنِّي أُرِيدُ اللُّحُوقَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/، وَلا عِلْمَ لِي بِالطَّرِيقِ، فَقَالَ: أَنَا صَاحِبُكِ حَتَّى أُورِدَكِ الْمَدِينَةَ، ثمَّ ٧٤/ أجاءني بِبَعِيرٍ فَرَكِبْتُهُ فَكَانَ يَقُودُ بِي الْبَعِيرَ، وَلا وَاللَّهِ مَا يُكَلِّمُنِي بِكَلِمَةٍ حَتَّى إِذَا أَنَاخَ الْبَعِيرَ تَنَحَّى عَنِّي، فَإِذَا نَزَلْتُ جَاءَ إِلَى الْبَعِيرِ فَقَيَّدَهُ بِالشَّجَرِ، وَتَنَحَّى إِلَى فَيْءِ شَجَرَةٍ حَتَّى إِذَا كَانَ الرَّوَاحُ خَدَجَ الْبَعِيرَ فَقَرَّبَهُ وَوَلَّى عَنِّي، فَإِذَا رَكِبْتُ أَخَذَ بِرَأْسِهِ فَلَمْ يَلْتَفِتْ وَرَاءَهُ حَتَّى أَنْزِلَ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَجَزَاهُ اللَّهُ مِنْ صَاحِبٍ خَيْرًا، فَدَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَأَنَا مُتَنَقِّبَةٌ، فَمَا عَرَفَتْنِي حَتَّى كَشَفْتُ النِّقَابَ فَالْتَزَمَتْنِي وَقَالَتْ: هَاجَرْتِ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَأَنَا أَخَافُ أَنْ يَرُدَّنِي كَمَا رَدَّ أَبَا جَنْدَلٍ وَأَبَا بَصِيرٍ، وَحَالُ الرِّجَالِ لَيْسَ كَحَالِ النِّسَاءِ، وَالْقَوْمُ مُصْبِحِي قَدْ طَالَتْ غَيْبَتِي عَنْهُمُ الْيَوْمَ خَمْسَةُ أَيَّامٍ مُنْذُ فَارَقْتُهُمْ، وَهُمْ يَتَحَيَّنُونَ قَدْرَ مَا كُنْتُ أَغِيبُ ثُمَّ يَطْلُبُونِي فَإِنْ لَمْ يَجِدُونِي رَحَلُوا. فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَأَخْبَرَتْهُ خبر أم كلثوم، فرحب بها وسهل، فقلت: إِنِّي فَرَرْتُ إِلَيْكَ بِدِينِي فَامْنَعْنِي وَلا تَرُدَّنِي إِلَيْهِم يَفْتِنُونِي وَيُعَذِّبُونِي وَلا صَبْرَ لِي عَلَى الْعَذَابِ، إِنَّما أَنَا امْرَأَةٌ وَضَعْفُ النِّسَاءِ عَلَى مَا تَعْرِفُ، وَقَدْ رَأَيْتُكَ رَدَدْتَ رَجُلَيْنِ حَتَّى امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَقَضَ الْعَهْدَ فِي النِّسَاءِ» وَحَكَمَ فِي ذَلِكَ بِحُكْمِ رَضُوهُ كُلُّهُمْ وَكَانَ يَرُدُّ النِّسَاءَ، فَقَدِمَ أَخَوَاهَا الْوَلِيدُ وَعُمَارَةُ مِنَ الْغَدِ، فَقَالا: أَوْفِ لَنَا بِشَرْطِنَا وَمَا عَاهَدْتَنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: «قَدْ نقض الله ذلك» فانصرفا.
[١] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute