للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحارث، وعمرو بن العاص، وابن الزبعري، وَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حسان، وابن رواحة، وكعب بن مالك. وكان حسان يذكر عيوب القوم وآثامهم، وكان ابن رواحة يعيرهم بالكفر، وكان كعب يذكر الحرب ويقول: فعلنا بهم وفعلنا، ويتهددهم، فكان أشده عليهم قول حسان، وأهونه قول ابن رواحة. فلما أسلموا كان أشده عليهم قول ابن رواحة، وكأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد قَالَ للأنصار: ما يمنع القوم الذين نصروا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسلاحهم وأنفسهم أن ينصروه بألسنتهم. فقَالَ حسان: أنا لها، قَالَ: كيف تهجوهم وأنا منهم، قَالَ: إني أسلك منهم كما تسل الشعرة من العجين.

أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، قال: أخبرنا ابن المذهب، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قال: حدثني أبي، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: [١] أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ لِحَسَّانٍ مِنْبَرًا فِي الْمَسْجِدِ يُنَافِحُ عَنْهُ بِالشِّعْرِ، ثُمَّ يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيُؤَيِّدُ حَسَّانَ بِرُوحِ الْقُدُسِ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ» . وقَالَ حسان فِي فتح مكة [٢] :

فإما تعرضوا عنا اعتمرنا ... وكان الفتح وانكشف الغطاء

٩٣/ ب/ وإلا فاصبروا لجلاد يوم ... يعين [٣] الله فيه من يشاء

وقَالَ الله قد سيرت جندا ... هم الأنصار عرضتها اللقاء

وجبريل أمين الله [٤] فينا ... وروح القدس ليس به كفاء

ألا أبلغ أبا سفيان عني ... فأنت مجوف نخب هواء

[٥]


[١] الخبر في مسند أحمد بن حنبل ٦/ ٧٢.
[٢] هذه القصيدة وردت في ديوان حسان مع زياد، واختلاف في ترتيب الأبيات.
[٣] في الأصل: «يعز الله» . وما أوردناه من ابن هشام، وأ
[٤] في ابن هشام: «وجبريل رسول الله» .
[٥] كذا في الأصول، والديوان، وفي ابن هشام:
ألا أبلغ أبا سفيان عني ... مغلغلة فقد برح الخفاء
والمجوف: الخالي الجوف، يريد به الجبان، وكذلك النخب والهواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>