للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَالَ معاذ بن جوين [الطائي] [١] : يا أهل الإسلام، إنا والله لو علمنا أنا إذا تركنا جهاد الظلمة وإنكار الجور، كان لنا به عند الله عذر، لكان تركه أيسر علينا وأخف من ركوبه، ولكنا قد علمنا واستيقنا أنه لا عذر لنا.

ثم قَالَ: ابسط يدك نبايعك، فبايعه وبايعه القوم، فضربوا على يد حيان فبايعوه وذلك فِي إمارة عَبْد الرَّحْمَنِ بن عَبْد اللَّهِ، / ثم أن القوم اجتمعوا في منزل معاذ بن ١١٨/ أجوين، فقَالَ لهم حيان: عباد الله، أشيروا برأيكم، أين تأمروني أن أخرج؟ فقَالَ له معاذ: إني أرى أن تسير بنا إلى حلوان فإنها كورة بين السهل والجبل، وبين المصر والثغر، فمن كان يرى رأينا من أهل المصر والثغر والجبال والسواد لحق بنا. فقَالَ له حيان:

عدوك معاجلك قبل اجتماع الناس إليك، فلا يتروكم حتى يجتمع الناس إليكم، ولكن رأيت أن أخرج معكم فِي جانب الكوفة ثم نقاتلهم حتى نلحق بربنا، فإني [والله] [٢] قد علمت أنكم لا تقدرون وأنتم دون المائة رجل أن تهزموا عدوكم، ولا أن تشتد نكايتكم فيهم، ولكن متى علم الله أنكم قد أجهدتم أنفسكم فِي جهاد عدوه وعدوكم كان لكم به العذر، وخرجتم من الإثم.

قالوا: رأينا رأيك، فقَالَ لهم عديس بن عرقوب [٣] : اخرجوا بجانب من مصرهم هذا فقاتلوا، فقالوا: لن يخالفك، فمكثوا حتى إذا كان آخر سنة من سني ابن أم الحكم فِي أول يوم من ربيع الآخر اجتمعوا إلى حيان، فقَالَ: يا قوم، والله الذي لا إله غيره ما سررت قط في الدنيا بعد ما أسلمت سروري بخروجي هذا على الظلمة، إني قد رأيت أن نخرج حتى ننزل جانب دار جرير، فإذا خرج إليكم الأحزاب ناجزتموهم، فقَالَ عديس بن عرقوب:

إذا قاتلتهم فِي جوف المصر قاتلنا الرجال وصعد النساء والصبيان والإماء، فرمونا بالحجارة، فقَالَ رجل منهم: انزلوا بنا من وراء الجسر، فقَالَ معاذ: لا بل سيروا بنا


[١] الخبر في تاريخ الطبري ٥/ ٣١٠.
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، أوردناه من تاريخ الطبري.
[٣] في الأصل: «عريش بن عرقوب» . وفي الطبري: «عتريس بن عرقوب» .

<<  <  ج: ص:  >  >>