للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أطيب ريحها وطعمها، فأكل فبدت لهما سوءاتهما، فدخل آدَم فِي جوف الشجرة، فناداه ربه: يا آدَم أين أَنْتَ؟ قَالَ: أنا هَذَا يا رب، قَالَ: يا حواء، أَنْتَ غررت عبدي، فلا تحملين حملا إلا حملته كرها، فَإِذَا أردت أَن تضعي مَا فِي بطنك أشرفت عَلَى الْمَوْت مرارا. وَقَالَ للحية: أَنْتَ الَّذِي دَخَلَ الملعون فِي جوفك حَتَّى غر عبدي، ملعونة أَنْتَ لعنة تتحول قوائمك فِي بطنك، ولا يكن لَكَ رزق إلا التراب، أَنْتَ عدوة بَنِي آدَم وَهُمْ أعداؤك، حيث لقيت مِنْهُم أحدا أخذت تسميه [١] ، وحيث لقيك شدخ رأسك [٢] .

وَرَوَى مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، عَنْ بَعْض أَهْل العلم: أَن آدَم لما رأى نعم الْجَنَّة قَالَ:

لو أَن خالدا، فاغتنمها إِبْلِيس فأتاه من قبل الخلد [٣] .

قَالَ ابْن إِسْحَاق: وحَدِيث أَن أول مَا ابتدأهما بِهِ من كيده أَنَّهُ ناح عليهما نياحة أحزنتهما حِينَ سمعاها، فقالا لَهُ: مَا يبكيك؟ قَالَ: أبكي عليكما، إنكما تموتان فتفارقان مَا أنتما فِيهِ من النعمة والغبط [٤] ، فوقع ذَلِكَ فِي أنفسهما، ثُمَّ أتاهما فوسوس إليهما، وَقَالَ: يا آدَم هل أدلك عَلَى شجرة الخلد [٥] .

وَقَالَ ابْن زَيْد [٦] : وسوس الشَّيْطَان إِلَى حواء فِي الشجرة حَتَّى أتى بها إِلَيْهَا، ثُمَّ حسنها فِي نَفْسه [٧] ، قَالَ: فدعاها آدَم لحاجته، فَقَالَتْ: لا، إلا أَن تأتي هَذَا، قَالَ: مَا آتي؟ قَالَتْ: تأكل من هذه الشجرة، فأكلا منها، فبدت سوءاتهما، وذهب آدَم هاربا إِلَى الْجَنَّة، فناداه ربه يا آدَم أمني تفر؟ قَالَ: لا يا رب، ولكن حياء منك، وَقَالَ: يا آدَم أني أتيت؟ قَالَ: من قبل هَذَا أي رب، قَالَ: فَقَالَ اللَّه: إِن لَهَا عَلِي أَن أدميها فِي كل شهر


[١] في الطبري: «أخذت بعقبه» .
[٢] الخبر في تاريخ الطبري ١/ ١٠٨، وتفسيره ١/ ٥٢٥.
[٣] الخبر في تاريخ الطبري ١/ ١١٠، وفي تفسيره ١/ ٥٢٨، وقد ورد في المخطوطة كما أوردناه مضطربا، وفي الطبري: «أن آدم عليه السلام حين دخل الجنة ورأى ما فيها من الكرامة، وما أعطاه الله منها، قال:
لو أنّا خلدنا! فاغتمز فيها منه الشيطان لما سمعها منه، فأتاه من قبل الخلد» .
[٤] في الطبري: «النعمة والكرامة» .
[٥] الخبر في تاريخ الطبري ١/ ١١٠، ١١١، وتفسيره ١/ ٥٢٩.
[٦] هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
[٧] في الطبري: ثم حسنها في عين آدم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>