فنعم الشيخ أنت لدى المخازي ... وبئس الشيخ أنت لدى المعالي
وقَالَ لنفسه:
أبت شفتاي اليوم ألا تكلما ... بشر فما أدري لمن أنا قائله
أرى لي وجها شوه الله خلقه ... فقبح من وجه وقبح حامله
قَالَ أبو عبيدة معمر بن المثنى: قدم على أبي بكر الصديق رضي الله عنه فِي الردة الزبرقان، فساق صدقات عوف والأبناء، فلما كان ببعض الطريق رأى الحطيئة- وكان الحطيئة أسود اللسان وداخل الفم وملتقي الشفتين- وهو يتبختر فِي هدم له، أشعث أغبر، وقد كان بين الزبرقان وبين بني قريع مقارضة ومهاجاة، فأراد أن ١٢٦/ أيستظهر/ بالحطيئة عليهم، فقَالَ له: ويلك إنك بمضيعة وأراك شاعرا، فهل لك إلى خير مواساة؟ قَالَ: وددت، قَالَ: فالحق ببني سعد حتى آتيك فإنما أؤدي هذه الصدقة إلى أبي بكر ثم ألحق بك، قَالَ: عمن أسأل؟ قَالَ: أم مطلع الشمس ثم سل عن الزبرقان بن بدر ثم ائت أم سدرة فقل لها: يقول لك بعلك الزبرقان بن بدر أحسني إلى قومك، فإنها ستفعل.
ففعل الحطيئة ذلك، فلما رأته بنو قريع قالوا: داهية، وإنما يريد أن يستظهر به علينا، فأتاه نقيض بن شماس فقَالَ: يا أبا مليكة جئت من بلادك ولا أرى فِي يدك شيئا، هل لك إلى خصلة هي خير لك مما أنت فيه، قَالَ: ما هي؟ قَالَ: مائة بعير وتتحول إلينا ونحن ضامنون لأهلك من عيالك أن يدبروا من حالك أن تخلفه، فتحول إليهم فقدم الزبرقان، فقَالَ: أين جاري؟ قالت امرأته: خبث عليك، ثم أخذ يهجو الزبرقان بن بدر، فقَالَ فِي أبيات: