اصنعوا كذا، افعلوا كذا، ثم يغلبه الوجع فيوضع. فاقتتل القوم قبل شروق الشمس، فهزم أصحاب عبيد الله وقتل قائدهم. ثم اقتتلوا يوم الأضحى، فهزم أصحاب عبيد الله، وقتلوا قتلا ذريعا. وأتى يزيد بن أنس بثلاثمائة أسير، فأمر بقتلهم، فقتلوا، فما أمسى يزيد حتى مات، فانكسر أصحابه بموته.
فقال ورقاء: يا قوم: إنه قد بلغني أن ابن زياد قد أقبل إلينا في ثمانين ألفا من أهل الشام، ولا طاقة لنا به، فماذا ترون؟ فإني أرى أن نرجع، قالوا: افعل، فرجع ورجعوا.
فبلغ الخبر إلى المختار، فبعث إبراهيم بن الأشتر على تسعة آلاف، ثم قال: اذهب فارددهم معك، ثمّ سر حتى تلقى عدوك فتناجزهم.
ثم إن أهل الكوفة تغيروا على المختار، وقالوا: أتأمر علينا بغير رضا منا، وزعم أن ابن الحنفية أمره بذلك ولم يفعل، فاجتمع رأيهم على قتاله، وصبروا حتى بلغ ابن الأشتر ساباط، ثم وثبوا على المختار، فمنعوا أن يصل إليه شيء وعسكروا، فبعث المختار إلى إبراهيم بن الأشتر: لا تضع كتابي من يدك حتى تقبل بجميع من معك إلي.
ثم بعث المختار إليهم: أخبروني ماذا تريدون؟ قالوا: نريد أن تعتزلنا، فإنك زعمت أن ابن الحنفية بعثك ولم يبعثك، فقال المختار: ابعثوا إليه من قبلكم وفدا، وأبعث من قبلي وفدا حتى تنظروا، إنما أراد أن يشغلهم بالحديث حتى يقدم ابن الأشتر، فأسرع إبراهيم حتى قدم صبيحة ثلاثة من مخرجهم على المختار. ثم خرج إليهم المختار فاقتتلوا كأشد قتال، ونصر عليهم المختار، وهربوا، وأدرك منهم قوم فقتلوا منهم شمر بن ذي الجوشن، وأسر سراقة بن مرداس، فقال: ما أسرتموني، وإنما أسرني قوم على دواب بلق، وجاء سراقة يحلف باللَّه الذي لا إله إلا هو، لقد رأيت الملائكة تقاتل على خيول/ بلق بين السماء والأرض، فقال له المختار: فاصعد المنبر وأعلم المسلمين، ففعل، فلما نزل خلا به المختار، فقال: قد علمت أنك لم تر الملائكة، وإنما أردت أن لا أقتلك، فاذهب عني حيث شئت، ولا تفسد علي أصحابي.
ونادى المختار: من أغلق بابه فهو آمن إلا رجلا أشرك في دم آل محمد، وخرج أشراف أهل الكوفة فلحقوا بمصعب بن الزبير بالبصرة، وتجرد المختار لقتلة الحسين، وكان يقول: لا يسوغ لي الطعام والشراب حتى أطهر الأرض منهم، وأنقي المصر