للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فسألتهم عنه، فقالوا: هذا قيس الذي يقال له المجنون، خرج به أبوه لما بلي به يستجير له ببيت الله الحرام وقبر محمد عليه السلام فلعل الله أن يعافيه. قال: فقلت لهم: فما لكم تمسكونه؟ / قالوا: نخاف أن يجني على نفسه جناية تتلفه. قال: وهو يقول: دعوني أتنسم صبا نجد، فقال لي بعضهم: ليس يعرفك [١] ، لو شئت دنوت منه فأخبرته أنك قدمت من نجد، وأخبرته عنها، قلت: نعم أفعل، فدنوت منه، فقالوا: يا قيس، هذا رجل قدم من نجد. قال: فتنفس حتى ظننت أن كبده قد تصدعت، ثم جعل يسائلني عن موضع موضع وواد واد، وأنا أخبره وهو يبكي، ثم أنشأ يقول:

ألا حبذا نجد وطيب ترابه ... وأرواحه إن كان نجد على العهد

أخبرنا ابن ناصر بإسناد له عن زياد بن الأعرابي، قال: لما تشبث المجنون بليلى واشتهر بحبها [٢] اجتمع إليه أهلها فمنعوه من محادثتها وزيارتها وتهددوه وتوعدوه بالقتل، وكان يأتي امرأة فتعرف [له] [٣] خبرها، فنهوا تلك المرأة عن ذلك، فكان يأتي غفلات الحي في الليل، فلما كثر ذلك خرج أبو ليلى ومعه نفر من قومه إلى مروان بن الحكم فشكوا إليه ما ينالهم من قيس بن الملوح، وسألوه الكتاب إلى عامله بمنعه من كلام ليلي، ويتقدم إليه في ترك زيارتها، فإذا أصابه أهلها عندهم فقد أهدر دمه.

فلما ورد الكتاب على عامله بعث إلى قيس وأبيه وأهل بيته، فجمعهم وقرأ عليهم كتاب مروان، وقال لقيس: اتق الله في نفسك لا تذهب دمك هدرا، فانصرف قيس وهو يقول:

ألا حجبت ليلى وآلى أميرها ... علي يمينا جاهدا لا أزورها

وواعدني [٤] فيها رجال أبوهم ... أبي وأبوها خشنت لي صدورها

على غير شيء [٥] غير أني أحبها ... وأن فؤادي عند ليلى أسيرها [٦]


[١] في الأصل: «لعله يعرفك» وما أوردناه من ت.
[٢] في ت: «نسب المجنون بليلى، وشهر بحبها» .
[٣] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.
[٤] في الأغاني: «وأوعدني» .
[٥] في الأغاني: «على غير جرم» .
[٦] في الأغاني: «وإن فؤادي رهنها وأسيرها» .

<<  <  ج: ص:  >  >>