للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضرب عنقه، فإذا رأسه بين رجليه، ثم أخذ بلحيته فهزها وأخذ يتمثل بشعر يزيد بن أبي كاهل اليشكري:

ساء ما ظنوا وقد أبليتهم ... عند غايات المدى كيف أقع

كيف يرجون سقاطي بعد ما ... جلل الرأس بشيب وصلع

/ رب من أنضحت غيظا صدره ... قد تمنى لي موتا لم يطع

وتراني كالشجى في خلقه ... عسرا مخرجه ما ينتزع

ويحييني إذا لاقيته ... وإذا يخلو له الحي رتع

ثم سمع ضوضاء، فقال: ما هذه الضوضاء، قالوا: البراجم بالباب تنتظر عميرا، فقال: أتحفوهم برأسه، فرمى بالرأس إليهم، فلما نظروا إليه ولوا هاربين لاحقين بمراكزهم، ثم إنهم ازدحموا على الحسين بن أبي براء التميمي فاستنصروه، فقال: لأمهاتكم الهبل [١] ، ألا تتقون الله، تحملونني على إهراق الدماء، والله لا يترك الحجاج قدما إلا أوطأها عبد الملك بن مروان، ولا نزل بأحدكم أخرى إلا لحق بعمير وبمثله، والله يقرن الصعاب، ومر عبد الله بن الزبير الأسدي بابن عم له يقال له إبراهيم، فقال: ما وراءك أبا حبيب، قال: ورائي كل بلية، قتل والله عمير بن ضابىء، النجاء النجاء، وأنشأ يقول:

أقول لإبراهيم لما لقيته ... أرى الأمر أمسى هالكا متشعبا

ترحل فإما أن تزور ابن ضابىء ... عميرا وإما أن تزور المهلبا [٢]

هما خطتا كره نجاؤك منهما ... ركوبك حوليا من الثلج أشبها

وإن على الحجاج فيه ألية ... بمعدلها نابا علوفا، ومحلبا

فأضحى ولو كانت خراسان دونه ... رآها مكان السوق أو هي أقربا

وإلا فما الحجاج مغمد سيفه ... مدى الدهر حتى يترك الطفل أشيبا

وكم قد رأينا تارك الغزو ناكلا ... ينكب حبو السرج حتى تنكبا


[١] الهبلة: الثكلة، والهبل: الثكل.
[٢] الأبيات من هنا إلى آخرها ساقط من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>