للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صادقا إن عدتم لذلك لأوقعن بكم إيقاعا يكون أشد عليكم من هذا العدو الذي تهربون منه في بطون الأودية والشعاب.

وبعث إلى عبد الرحمن عند طلوع الشمس، فقال: ارتحل/ الساعة، وناد في الناس: برئت الذمة من رجل من هذا البعث وجدناه متخلفا، فخرج حتى مر بالمدائن، فنزل بها يوما وليلة، واشترى أصحابه حوائجهم، ثم نادى بالرحيل، ودخل على عثمان بن قطن، فقال له عثمان: إنك تسير إلى فرسان العرب وأبناء الحرب، وأحلاس الخيل [١] ، والله لكأنهم خلقوا من ضلوعها [٢] ، الفارس منهم أشد من مائة، فلا تلقهم إلا في تعبية أو في خندق، فخرج في طلب شبيب، فارتفع شبيب إلى دقوقاء. وكتب الحجاج إلى عبد الرحمن:

أن اطلب شبيبا أين سلك حتى تدركه فتقتله أو تنفيه.

وكان شبيب يدنو من عبد الرحمن فيجده قد خندق [على نفسه] [٣] وحذر، فيمضي عنه، فإذا بلغه أنه قد سار انتهى إليه، فوجده قد صف الخيل، فلا يصيب له غرة، فإذا دنا منه عبد الرحمن ارتحل خمسة عشر فرسخا أو عشرين، فنزل منزلا غليظا خشنا.

ثم إن الحجاج عزل عبد الرحمن، وولى عثمان بن قطن، [وعلى أصحابه، فخرج شبيب في مائة وواحد وثمانين رجلا، فحمل عليهم فانهزموا، ودخل شبيب عسكرهم، وقتل] [٤] نحوا من ألفين من ذلك العسكر، وقيل لابن الأشعث: قد ذهب الناس [٥] ، وتفرقوا وقتل خيارهم، فرجع إلى الكوفة، فاختبأ من الحجاج حتى أخذ له الأمان بعد ذلك.


[١] واحدتها: حلس، والجمع أحلاس، وحلوس: كل شيء، ولى ظهر الدابة تحت الرحل، وهو كساء رقيق يكون تحت البرذعة.
[٢] في الأصل، ت: «طلوعها» ، وما أوردناه من ت.
[٣] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، أوردناه من الطبري.
[٤] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.
[٥] في ت: «وقتل ابن الأشعث فذهب الناس» .

<<  <  ج: ص:  >  >>