للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخرج مسرعا إلى عبد الملك وهو بالصبيرة [١] ، فلما دنا من سرادقه صاح:

النصيحة النصيحة، فقال أهل العسكر: وما نصيحتك؟ قال: نصيحة لأمير المؤمنين، قالوا: قل، قال [٢] : حتى أدنو [٣] من أمير المؤمنين، فأمر عبد الملك أن يأذنوا له، فدخل وعنده أصحابه. قال: فصاح: النصيحة النصيحة النصيحة، قال: اخلني لا يكن عندك أحد، فأخرج من في البيت، ثم قال له: ادنني، قال: أدن، فدنا من عبد الملك على السرير، قال: ما عندك؟ قال: الحارث، فلما ذكر الحارث رمى بنفسه عن السرير ثم قال: وأين هو؟ قال: يا أمير المؤمنين هو بيت المقدس، عرفت مداخله ومخارجه، فقص عليه قصته وكيف صنع به، فقال: أنت صاحبه، وأنت أمير بيت المقدس وأمير ها هنا فمرني بما شئت، فقال: يا أمير المؤمنين، ابعث معي قوما لا يفهمون [٤] الكلام، فأمر أربعين رجلا من فرغانة، فقال: انطلقوا مع هذا فما أمركم من شيء فأطيعوه. وكتب إلى صاحب بيت المقدس: إن فلانا الأمير عليك حتى تخرج فأطعه فيما أمرك به.

فلما قدم بيت المقدس أعطاه الكتاب، فقال: مرني بما شئت، فقال: اجمع لي كل شمعة تقدر عليها ببيت المقدس، وادفع كل شمعة إلى رجل ورتبهم على أزقة بيت المقدس، وزواياها فإذا قلت: أسرجوا أسرجوا جميعا. فرتبهم في أزقة بيت المقدس وزواياها [٥] بالشمع وتقدم البصري وحده إلى منزل الحارث، فأتى الباب، فقال للحاجب: استأذن لي على نبي الله، قال: في هذه الساعة ما يقدرون عليه وما يؤذن عليه حتى يصبح، قال: أعلمه أني إنما رجعت شغفا [٦] إليه قبل أن أصل/ فدخل عليه فأعلمه بكلامه، فأمره ففتح، قال: ثم صاح البصري: أسرجوا، فأسرجت الشموع حتى كانت كأنها النهار [٧] . ثم قال: من مر بكم فاضبطوه، ودخل هو إلى الموضع الّذي يعرفه


[١] في الأصل: «بالضمير» . وفي ت: «بالبصيرة» . وكلاهما خطأ.
[٢] «قالوا: قل، قال» : ساقط من ت.
[٣] في ت: «حتى دنا من أمير المؤمنين» .
[٤] في معجم البلدان: «لا يفقهون» .
[٥] «فإذا قلت أسرجوا ... بيت المقدس وزواياها» : ساقط من ت.
[٦] في ت: ومعجم البلدان: «شوقا» والمعنى واحد.
[٧] في ت: «كأنها النار» . وفي معجم البلدان: «حتى كان بيت المقدس كأنه نهار» .

<<  <  ج: ص:  >  >>