للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ودخله المأمون ومعه المعتصم ويحيى بن أكثم، فقال المأمون: أي شيء يعجبكم من هذا المسجد؟ فقال المعتصم: ذهبه فإنا نصنعه [١] فلا تمضى عشرون سنة حتى يتحول [٢] ، وهذا بحاله كأن الصانع قد فرغ منه الآن، فقال: ما أعجبني هذا، فقال يحيى بن أكثم: الذي أعجبك يا أمير المؤمنين تأليف رخامه [٣] فإن فيه عقودا ما يرى مثلها، قال: كلا، بل أعجبني أنه شيء على غير مثال شوهد.

قال: وأمر الوليد أن يسقف بالرصاص، فطلب من كل البلاد، وبقيت قطعة لم يوجد لها رصاص إلا عند امرأة، فأبت أن تبيعه إلا بوزنه ذهبا، فقال: اشتروه منها ولو بوزنه مرتين، ففعلوا ووزنوا مثله، فلما قبضته قالت: إني ظننت من صاحبكم أنه يظلم الناس في بنائه فلما رأيت إنصافه رددت الثمن. فلما بلغ ذلك الوليد أمر أن يكتب على صفائح المرأة للَّه، ولم يدخله فيما عمله، وفيما كتب عليه اسمه.

قال محمد بن عبد الملك: وقد قيل إنه أنفق عليه خراج الدنيا ثلاث مرات، وأنه بلغ ثمن البقل الذي أكله الصناع/ فيه ستة آلاف دينار، وكان فيه ستمائة سلسلة ذهب، فلم يقدر أحد أن يصلي فيه لعظم شعاعها فدخِّنت.

وعمل هذا الجامع في تسع سنين.

قال: وقال موسى بن حماد البربري: رأيت في مسجد دمشق كتابا بالذهب في الزجاج محفورا عليه سورة ألهاكم التكاثر إلى آخرها، ورأيت جوهرة حمراء ملصقة في قاف المقابر، فسألت عن ذلك، فقيل لي: كان للوليد ابنة ولها هذه الجوهرة، وكانت ابنة نفيسة فماتت، فأمرت أمها أن تدفن هذه الجوهرة معها في قبرها، فأمر الوليد بها فصيرت في قاف المقابر من ألهاكم التكاثر، ثم حلف لأمها أنه قد أودعها في المقابر فسكتت.

وفي هذه السنة حبس الوليد المجذمين أن يخرجوا على الناس، وأجرى عليهم أرزاقا.


[١] في الأصل: «نهيئه» وما أوردناه من ت.
[٢] في الأصل: «سنة إلا حتى يتحول» وما أوردناه من ت.
[٣] في الأصل: «زخارفه» وما أوردناه من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>