للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجاءوني، فقالوا: ما شأنك؟ قلت: ويحكم، زوجني سعيد بن المسيب بنته اليوم وقد جاء بها على غفلة، فقالوا: سعيد بن المسيب زوجك؟ قلت: نعم. وهو ذا هي في الدار. قال: ونزلوا هم إليها، وبلغ أمي فجاءت وقالت: وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام.

قال: فأقمت ثلاثا ثم دخلت بها، فإذا هي من أجمل الناس، وإذا هي أحفظ الناس لكتاب اللَّه عز وجل، وأعلمهم بسنة رسوله، وأعرفهم بحق زوج. قال: فمكثت شهرا لا يأتيني سعيد ولا آتيه، فلما كان قرب الشهر أتيت سعيدا وهو في حلقته، فسلمت عليه، فرد علي السلام ولم يكلمني حتى تفرق [١] أهل المجلس، فلم يبق غيري، قال: ما حال ذلك الإنسان؟ قلت: خيرا يا أبا محمد على ما يحب الصديق ويكره العدو، فقال: إن رابك شيء فالعصا. فانصرفت إلى منزلي، فوجه إلي بعشرين ألف درهم. [١] قال عبد الله بن سليمان: وكانت بنت سعيد بن المسيب خطبها عبد الملك بن مروان لابنه الوليد حين ولاه العهد، فأبى سعيد أن يزوجه، فلم يزل عبد الملك يحتال على سعيد حتى ضربه مائة سوط في يوم بارد، وصب عليه جرة ماء وألبسه جبة صوف.

قال عبد الله: وابن أبي وداعة هو كثير بن المطلب بن أبي وداعة.

قال مؤلف الكتاب: [٢] وكان لكثير هذا ولد يقال له كثير أيضا. روى الحديث، وكان شاعرا ولم يكن له عقب. فأما أبو/ وداعة فاسمه الحارث بن صبيرة بن سعيد ابن سعد بن سهم. كان قد شهد بدرا مع المشركين فأسر، فَقَالَ رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ: «تمسكوا به فإن له ابنا كيسا بمكة. فخرج المطلب ففداه بأربعة آلاف درهم. وهو أول أسير فدي، فشخص الناس بعده ففدوا أسراهم، وكان أبوه صبيرة قد جاز الأربعين سنة بقليل ثم مات.

أنبأنا الحسين بن عبد الوهاب، قال: أخبرنا ابن المسلمة، قال: أخبرنا


[١] في الأصل: «حتى تفوض» وما أوردناه من ت.
[٢] في ت: «قال المصنف» .

<<  <  ج: ص:  >  >>