للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فبكي بكاء طويلا ثم قال لي: يا أبا حازم، أما ينبغي لي أن أضمر نفسي لتلك العقبة فعسى أن أنجو منها يومئذ [١] ، وما أظن أني مع هذا البلاء الذي ابتليت به من أمور الناس بناج. ثم رقد ثم تكلم الناس، فقلت: أقلوا الكلام [٢] فما فعل به ما ترون إلا سهر الليل، ثم تصبب عرقا في يوم الله أعلم كيف كان، ثم بكى حتى علا نحيبه، ثم تبسم، فسبقت الناس إلى كلامه، فقلت: يا أمير المؤمنين، رأيت منك عجبا، إنك لما رقدت تصببت عرقا حتى ابتل ما حولك، ثم بكيت حتى علا نحيبك ثم تبسمت، فقال لي:

وقد رأيت [٣] ذلك؟ قلت: نعم ومن كان حولك من الناس رآه، فقال لي: يا أبا حازم، إني لما وضعت رأسي فرقدت، رأيت كأن القيامة قد قامت واجتمع الناس، فقيل: انهم عشرون ومائة صف فملئوا الأفق، أمة محمد من ذلك ثمانون صفا [٤] مهطعين إلى الداعي [٥] ينتظرون متى يدعون إلى الحساب، إذ نودي: أين عبد الله بن عثمان أبو بكر الصديق؟ فأجاب فأخذته الملائكة فأوقفوه أمام ربه عز وجل، فحوسب ثم نجا [وأخذ به ذات اليمين، ثم نودي بعمر فقربته الملائكة، فوقفوه أمام ربه، فحوسب ثم نجا] [٦] وأمر به وبصاحبه إلى الجنة. ثم نودي بعثمان، فأجاب، فحوسب يسيرا، ثم أمر به إلى الجنة، ثم نودي بعلي بن أبي طالب، فحوسب ثم أمر به إلى الجنة [٧] . فلما قرب الأمر مني أسقط في يدي، ثم جعل يؤتى بقوم لا أدري ما حالهم، ثم نودي: أين عمر بن عبد العزيز؟ فتصببت عرقا، ثم سئلت عن الفتيل والنقير والقطمير وعن كل قضية قضيت بها [٨] ، ثم غفر لي، فمررت بجيفة ملقاة، فقلت للملائكة: من هذا؟ فقالوا: إنك لو كلمته كلمك، فوكزته برجلي فرفع رأسه إلي وفتح عينيه، فقلت له: من أنت؟ فقال لي: من أنت؟ فقلت: أنا عمر بن عبد العزيز، قال: ما فعل الله بك؟ قلت: تفضل علي وفعل بي ما فعل بالخلفاء الأربعة الذين غفر لهم، وأما الباقون فما أدري ما فعل بهم،


[١] في ت: «أنجو منها يوم القيامة» .
[٢] في ت: «اطووا الكلام» .
[٣] في ت: «ورأيت» .
[٤] «صفا» : سقطت من ت.
[٥] «إلى الداعي» . سقط من ت.
[٦] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، أوردناه من ت.
[٧] «ثم نودي بعلي ... ثم أمر به إلى الجنة» : ساقطة من ت.
[٨] في الأصل: «قضيتها بها» . وما أوردناه من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>