للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبني أبي حسن ووالدهم ... من طاب في الأرحام والصلب

أترون ذنبا أن أحبهم ... بل حبهم كفارة الذنب

وكان كثير دميم الخلقة فاستزاره عبد الملك، فازدراه لدمامته، فقال: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه [١] ، فقال كثير:

ترى الرجل النحيف فتزدريه ... وفي أثوابه أسد مزير

فقال له: إن كنا أسأنا اللقاء فلسنا نسيء الثواء، حاجتك، قال: تزوجني عزة، فأراد أهلها على ذلك، فقالوا: هي بالغ وأحق بنفسها، فقيل لها، فقالت: أبعد ما تشبب بي وشهرني في العرب ما لي إلى ذلك سبيل.

أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك، قال: أخبرنا الحسين بْن عَبْد الجبار، قَالَ:

أَخْبَرَنَا أَبُو الطيب الطبري، قال: حدثنا المعافى بن زكريا، قال: حدثنا الحسن بن علي بْن المرزبان، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن هارون النحوي، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أبي يعقوب الدينَوَريّ، قال: حدثني نصر بن ميمون، عن العتبي، قال:

كان عبد الملك بن مروان يحب النظر إلى كثير إذ دخل عليه آذنه يوما، فقال: يا أمير المؤمنين، هذا كثير بالباب، فاستبشر عبد الملك وقال: أدخله يا غلام، فأدخل كثير- وكان دميما حقيرا تزدريه العين- فسلم بالخلافة، فقال عبد الملك: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، فقال كثير: مهلا يا أمير المؤمنين، فإنما الرجل بأصغريه:

لسانه وقلبه، فإن نطق نطق ببيان، وإن قاتل قاتل بجنان، وأنا الذي أقول:

وجربت الأمور وجربتني ... فقد أبدت عريكتي الأمور

وما تخفى الرجال علي إني ... بهم لأخو مثابته خبير

ترى الرجل النحيف فتزدريه ... وفي أثوابه أسد مزير

ويعجبك الطرير فتبتليه ... فيخلف ظنك الرجل الطرير

وما عظم الرجال لهم بزين ... ولكن زينها كرم وخير

بغاث الطير أطولها جسوما ... ولم تطل البزاة ولا الصقور


[١] في ت: «إلا أن تراه» .

<<  <  ج: ص:  >  >>