للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعشرين ألف درهم، فكتب بذلك صاحب البريد إلى المنصور وهو بمدينة السلام يخبره أن الأمير المهدي أمر لشاعر بعشرين ألف درهم، فكتب إلى كاتب المهدي أن يوجه [إليه] [١] بالشاعر، فطلب فلم يجدوه، فكتب إلى أبي جعفر: إنه قد توجه إلى مدينة السلام، فأجلس المنصور قائدا من قواده عند جسر النهروان، وأمر أن يتصفح وجوه الناس رجلا رجلا، فجعل لا تمر به قافلة إلا تصفح من فيها حتى مرت به القافلة التي فيها المؤمل، فتصفحه، فلما سأله: من أنت؟ قال: أنا المؤمل بن أميل المحاربي الشاعر أحد زوار الأمير المهدي، قال: إياك طلبت. قال المؤمل: فكاد قلبي ينصدع خوفا من أبي جعفر، فقبض علي وسلمني إلى الربيع، فدخل بي إلى أبي جعفر، وقال: هذا الشاعر الذي أخذ من الأمير المهدي عشرين ألف درهم قد ظفرنا به، قال:

أدخلوه إلي. فأدخلت فسلمت عليه تسليم مروع، فرد عليّ السلام، وقال: ليس هاهنا إلا خير، أنت المؤمل بن أميل؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين أنا المؤمل بن أميل، قال:

أتيت غلاما غرا فخدعته، قلت: نعم، أصلح الله أمير المؤمنين، أتيت غلاما غرا كريما فخدعته فانخدع، قال: فكان ذلك أعجبه، فقال: أنشدني ما قلت فيه، فأنشدته ما قلت، وهي:

هو المهدي إلا أن فيه ... مشابه صورة القمر المنير

تشابه ذا وذا فهما إذا ما ... أنارا يشعلان على البصير

فهذا في الظلام سراج ليل ... وهذا في النهار ضياء نور

ولكن فضل الرحمن هذا ... على ذا بالمنابر والسرير

وبالملك العزيز فذا أمير ... وماذا بالأمير ولا الوزير

ونقص الشهر ينقص ذا وهذا ... منير عند نقصان الشهور

فيا ابن خليفة الله المصفى ... به تعلو مفاخرة الفخور

لئن فت الملوك وقد توافوا ... إليك من السهولة والوعور

لقد سبق الملوك أبوك حتى ... بقوا من بين كاب أو حسير

وجئت مصليا تجزي حثيثا ... وما بك حين تجزي من فتور

فقال الناس ما هذان إلا ... كما بين الفتيل إلى النصير


[١] ما بين المعقوفتين: من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>