للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّورَةِ مِنْ صُورَتِهِ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ وَهَنَّأَنِي بِمِثْلِ مَا هَنَّأَنِي بِهِ ذَلِكَ، وَذكر أَنَّهُ وَافِدُ أَهْلِ إِفْرِيقِيَّةَ أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِسَمْعِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ، فَتَضَاعَفَ سُرُورِي، وَأَكْثَرْتُ مِنْ حَمْدِ اللَّهِ عَلَى مَا وَفَّقَنِي لَهُ مِنَ الانْصِرَافِ، ثُمَّ دَخَلْتُ الدَّارَ فَسَأَلْتُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَأُخْبِرْتُ أَنَّهُ فِي مَوْضِعٍ كَانَ يَتَهَيَّأُ فِيهِ للصَّلاةِ، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يُسَرِّحُ لِحْيَتَهُ، فَابْتَدَأْتُ بِتَهْنِئَتِهِ وَأَعْلَمْتُهُ أَنِّي رَأَيْتُ بِبَابِهِ رَجُلَيْنِ أَحَدَهُمَا وَافِدَ أَهْلِ السِّنْدِ، فَوَقَعَ عَلَيْهِ زَمَعٌ، وَقَالَ: الآخَرُ وَافِدُ أَهْلِ إِفْرِيقِيَّةَ بِسَمْعِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَسَقَطَ الْمِشْطُ مِنْ يَدِهِ ثَمَّ قَالَ:

سُبْحَانَ اللَّهِ كُلُّ [شَيْءٍ] [١] بَائِدٌ سِوَاهُ، نَعَيْتُ وَاللَّهِ نَفْسِي، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ الإِمَامُ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ يَقْدُمُ عَلَيَّ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فِي مدينتي وافدان: أَحَدُهُمَا وَافِدُ السِّنْدِ، وَالآخَرُ وَافِدُ إِفْرِيقِيَّةَ بِسَمْعِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ وَبَيْعَتِهِمْ، فَلا يَمْضِي بَعْدَ ذَلِكَ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ حَتَّى أَمُوتَ. وَقَدْ أَتَانِي الْوَافِدَانِ، فَأَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ يَا عَمِّ فِي ابْنِ أَخِيكَ، فَقُلْتُ: كَلا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقَالَ: بَلَى أَنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَئِنْ كَانَتِ الدُّنْيَا حَبِيبَةً [٢] إِلَيَّ، فَصِحَّةُ الرِّوَايَةِ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهَا، وَاللَّهِ مَا كَذَبَتْ وَلا كَذَبْتُ. ثُمَّ نَهَضَ وَقَالَ لِي: لا تَبْرَحْ مِنْ مَكَانِكَ حَتَّى أَخْرُجَ إِلَيْكَ، فَمَا غَابَ كثيرا حتى أذنت المؤذنون بِصَلاةِ الظُّهْرِ، فَخَرَجَ إِلَيَّ خَادِمٌ لَهُ، فَأَمَرَنِي بِالْخُرُوجِ إِلَى الْمَسْجِدِ وَالصَّلاةِ بِالنَّاسِ، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، ورجعت إلى موضعي حتى أذنت الْمُؤَذِّنُونَ بِصَلاةِ الْمَغْرِبِ، فَخَرَجَ إِلَيَّ الْخَادِمُ فَأَمَرَنِي بِمِثْلِ ذَلِكَ.

فَفَعَلْتُ وَعُدْتُ إِلَى مَكَانِي، ثُمَّ أذنت الْمُؤَذِّنُونَ بِصَلاةِ الْعِشَاءِ، فَخَرَجَ إِلَيَّ الْخَادِمُ بِمِثْلِ مَا كَانَ يَأْمُرُنِي بِهِ، فَفَعَلْتُ وَلَمْ أَزَلْ مُقِيمًا فِي مَكَانِي إِلَى أَنْ مَرَّ اللَّيْلُ، فَتَنَفَّلْتُ حَتَّى فَرَغْتُ مِنْ صَلاةِ اللَّيْلِ وَالْوَتْرِ إِلا بَقِيَّةً بَقِيَتْ مِنَ الْقُنُوتِ، فَخَرَجَ عِنْدَ ذَلِكَ وَمَعَهُ كِتَابٌ، فَدَفَعَهُ إِلَيِّ حِينَ سَلَّمْتُ، فَإِذَا هُوَ [مُعْنَوَنٌ] [٣] مَخْتُومٌ [مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الرَّسُولِ وَالأَوْلِيَاءِ وَجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ] [٣] وَقَالَ: يَا عَمِّ، ارْكَبْ فِي غَدٍ، فصل بِالنَّاسِ [٤] فِي الْمُصَلَّى، وَانْحَرْ وَأَخْبِرْ بِعِلَّةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَكْثِرْ لُزُومَكَ دَارِي، فَإِذَا قَضَيْتُ نَحْبِي فَاكُتْم وَفَاتِي حَتَّى تَقْرَأَ هَذَا الْكِتَابَ عَلَى النَّاسِ، وَتَأْخُذَ عَلَيْهِمُ الْبَيْعَةَ لِلْمُسَمَّى فِي هَذَا


[١] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.
[٢] في الأصل: «محبوبة» . وما أوردناه من ت وتاريخ بغداد.
[٣] ما بين المعقوفتين: من ت وتاريخ بغداد.
[٤] في الأصل: «فصل في الناس» . وما أوردناه من ت وتاريخ بغداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>