للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأفهمه. فَقَالَ الرومي: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إنك بْنيت بْناء لم يبْنه/ أحد كَانَ قبلك، ٣٨/ ب وفيه ثلاثة عيوب، قَالَ: وما هي؟ قَالَ: أول عيب فِيهِ بعده عَنِ الماء، ولا بد للناس من الماء لشفاههم. [وأما العيب الثاني: فإنها ليس فِيهَا بساتين يتنزه فِيهَا] [١] . وأما العيب [٢] الثالث [٣] : فإن رعيتك معك فِي بْنيانك إذا كانت الرعية مَعَ الملك فِي بْنيانه فشا سره. قَالَ: فتجلد عليه المنصور فَقَالَ: أما قولك فِي الماء فحسبْنا من الماء ما بلّ شفاهنا. وأما العيب الثاني فإنا لم نخلق للهو واللعب، وأما العيب الثالث فِي سري فما لي سر دون رعيتي. ثم عرف وجه الصواب. فَقَالَ: مدوا لي قناتين من دجلة واغرسوا لي العباسية، وانقلوا الناس إلى الكرخ.

قَالَ الخطيب: مد المنصور قناة من نهر دجيل الآخذ من دجلة، وقناة من نهر كرخايا الأخذ من الفرات وجرهما إِلَى مدينته فِي عقود وثيقة من أسفلها، محكمة بالصاروج والآجر من أعلاها، فكانت كل قناة منها تدخل المدينة وتنفذ فِي الشوارع والدروب والأرباض، وتجري صيفا وشتاء لا ينقطع ماؤها، وجر لأهل الكرخ وما يتصل بها أنهارا.

وأما الجامع فقد ذكرنا أن المنصور جعل مساحته مائتين فِي مائتين، ولما جاء الرشيد أمر بْنقضه وإعادة بْنائه بالآجر والجص، ففعل ذلك وكتب عليه اسم الرشيد، وتسمية البْناء والنجار، وذلك ظاهر الجدران [٤] إِلَى الآن، وكانت الصلاة فِي الصحن العتيق الَّذِي هو الجامع، حَتَّى زيد فِيهِ الدار المعروفة بالقطان، وكانت قديما ديوانا للمنصور، فأمر مفلح التركي ببْنائها على يد صاحبه القطان، فنسب إِلَيْهِ، ثُمَّ زاد المعتضد الصحن الأول- وهو قصر المنصور- ووصله بالجامع، وزاد بدر مولى المعتضد من قصر المنصور السفطات المعروفة بالبدرية.

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قَالَ لي هلال بْن المحسن قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الحسين مُحَمَّد بن الحسن بن محفوظ قال: / كنت ٣٩/ أ


[١] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وأثبتناه من ت.
[٢] «وأما العيب» ساقطة من ت.
[٣] في الأصل: «الثاني» .
[٤] في ت: «الجدار» وما أثبتناه من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>