للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والزاهر، وما فِي دواخل ذلك ورواضعه قَدْ خرب خرابا فاحشا، ولم يترك النقض فِيهِ جدارا قائما- ولا مسجدا باقيا، وأما مَا بين باب البصرة والعتابين والخلد وشارع الرقيق من الجانب الغربي فقد اندرس اندراسا كليا، وصار الجامعان بالمدينة والرصافة متوسطين الصحراء بعد أن كانا فِي وسط العمارة.

وعرفني بعض العارفين بأمر الحمامات فِي جانبي البلد عدد مَا بقي منها في هذا الوقت وهي سنة عشرين وأربعمائة نحو مائة وسبعين حماما.

وأنني لأذكر وقد حضر/ عند جدي إِبْرَاهِيم بْن هلال فِي سنة اثنتين وثمانين ٤٠/ ب وثلاثمائة أحد ممن كَانَ يغشاه، وجرى ذكر مدينة السلام فِي كبرها، فَقَالَ الرجل: لعل هَذِهِ الحال كانت قديما، فأما الآن فحدثني فلان- وله- معرفة بالحمامات- أن جميع مَا بقي منها نحو ثلاثة آلاف، فَقَالَ جدي: لا إله إلا اللَّه، كذا يكون الانقراض!؟ فإنها أحصيت فِي زمان المقتدر، وقد فشا الخراب، فكانت تسعا وعشرين ألف حمام.

ولقد ورد كتاب ركن الدولة على أبي مُحَمَّد المهلبي يَقُول فيه: بلغنا كثرة المساجد والحمامات ببغداد، فيذكر لنا الموجود اليوم فكانت المساجد تتجاوز حد الإحصاء، وأما الحمامات سبعة عشر ألفا.

وَقَالَ ابْن هلال: كنت أركب من داري فِي باب المراتب إِلَى دار معز الدولة بالشماسية فِي الأسواق وتحت الظلال والمحال والدروب. وكذلك الجانب الغربي والدور على دجلة وبساتينها متناهية وأقطارها [١] متباعدة وما فِيهَا دار يخلو من الأغاني والدعوات، وجميع ما بقي من الحمامات فِي بغداد نيف وتسعون حماما.

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا الجوهري قال: أخبرنا محمد بن العباس الخراز قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بكر الصولي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خليفة قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سلام قَالَ: سمعت أبا الوليد يَقُول: قَالَ لي شعبة:

أدخلت بغداد؟ قلت: لا. قال: فكأنك لم تر الدنيا [٢] .

أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: حدثنا عبد العزيز بن علي


[١] في ت: «وأطيارها» .
[٢] انظر الخبر في: تاريخ بغداد ١/ ٤٤- ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>