للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينا أنا عَلَى رأس معن إذا هو براكب يوضع، فَقَالَ معن: مَا أحسب هَذَا/ الرجل ٧٥/ ب يريد إلّا إياي، ثُمَّ قَالَ لحاجبه: لا تحجبه، فجاء حَتَّى مثل بين يديه، فَقَالَ:

أصلحك اللَّه قل مَا بيدي ... فما أطيق العيال إذ كثروا

ألح دهر رمى بكلكله ... فأرسلوني إليك وانتظروا

فَقَالَ معن وأخذته أريحية: لا جرم والله لأعجلن أوبتك، ثُمَّ قَالَ: يا غلام، ناقتي الفلانية وألف دينار، فدفعها إِلَيْهِ وَهُوَ لا يعرفه.

أَخْبَرَنَا القزاز، قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي، قال: أخبرني الأزهري، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد المقري، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو طالب الكاتب، قال: حدثنا أبو عكرمة الضبي [١] ، قال: حدثنا سليمان، قَالَ [٢] :

خرج المهدي يوما يتصيد، فلقيه الحسين بْن مطير فأنشده يَقُول:

أضحت يمينك من جود مصورة ... لكن يمينك منها صور الجود

من حسن وجهك تضحي الأرض مشرقة ... ومن بْنانك يجري الماء فِي العود

فَقَالَ المهدي: كذبت يا فاسق، وهل تركت فِي شعرك موضعا لأحد مَعَ قولك فِي معن بْن زائدة:

ألما بمعن ثُمَّ قولا لقبره ... سقتك الغوادي مربعا ثُمَّ مربعا

فيا قبر معن كنت أول حفرة ... من الأرض حطت للمكارم مضجعا

أيا قبر معن كيف واريت جوده ... وقد كَانَ منه البر والبحر مترعا

ولكن حويت الجود والجود ميت ... ولو كَانَ حيا ضقت حَتَّى تصدعا

وما كَانَ إلا الجود صورة وجهه [٣] ... فعاش ربيعا ثُمَّ ولى فودعا

فلما مضى معن مضى الجود والندى ... وأصبح عرنين المكارم أجدعا


[١] كذا في الأصول، وفي تاريخ بغداد «أبو عكرمة عمرو بن عام، كذا قال، وإنما هو عامر بن عمران الضبي» .
[٢] الخبر في تاريخ بغداد ١٣/ ٢٤٠.
[٣] في الأصل: «صفرة وجهه» . وما أوردناه من ت، وبغداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>