للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قعد المهدي قعودا عاما للناس، فدخل رجل فِي يده نعل فِي منديل، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَذِهِ نعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد أهديتها لك، فَقَالَ: هاتها، فدفعها إليه، فقلب باطنها ووضعها عَلَى عينيه وأمر للرجل بعشرة آلاف درهم، فلما أخذها وانصرف قَالَ لجلسائه: أترون إني لم أعلم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم لم يرها فضلا عن أن يكون لبسها، ولو كذبْناه لقال للناس: أتيت أمير المؤمنين بْنعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فردها علي وَكَانَ من يصدقه أكثر ممن يدفع خبره، إذ كَانَ من شأن العامة الميل إِلَى أشكالها، والنصرة للضعيف عَلَى القوي، فاشترينا لسانه وقبلنا هديته وصدقنا قوله، ورأينا الَّذِي فعلناه أنجح وأرجح.

أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن علي، قال: أخبرني الحسن بن محمد الخلال، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عِمْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْقَاسِمِ الأَنْبَارِيُّ، قال: حدّثنا الحسن بن عَلِيٌّ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن سُلَيْمَانَ بْن عَلِيّ [١] ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي فَائِقَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّه، قَالَتْ [٢] :

بَيْنَا أَنَا يَوْمًا عِنْدَ الْمَهْدِيِّ وَكَانَ قَدْ خَرَجَ مُتَنَزِّهًا إِلَى الأَنْبَارِ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ الرَّبِيعُ وَمَعَهُ قِطْعَةٌ/ مِنْ جِرَابٍ فِيهِ كِتَابٌ بِرَمَادٍ وَخَاتِمٍ مِنْ طِينٍ قَدْ عُجِنَ بالرماد، وهو مطبوع بخاتم ٩٦/ أالخلافة، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا رَأَيْتُ أَعْجَبَ مِنْ هَذِهِ الرُّقْعَةِ، جَاءَنِي بِهَا رَجُلٌ أَعْرَابِيٌّ وهو يُنَادِي: هَذَا كِتَابُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمَهْدِيِّ، دُلُّونِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يُسَمَّى الرَّبِيعُ فَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أَدْفَعَهَا إِلَيْهِ- أَعْنِي هَذِهِ الرُّقْعَةَ. فَأَخَذَهَا الْمَهْدِيُّ وَضَحِكَ وَقَالَ: صَدَقَ هَذَا خَطِّي وَهَذَا خَاتَمِي، أَفَلا أُخْبِرُكُمْ بِالْقِصَّةِ؟ قُلْنَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، رَأْيُكَ أَعْلَى [عَيْنًا] [٣] فِي ذَلِكَ.

قَالَ: خَرَجْتُ أَمْسَ إِلَى الصَّيْدِ فِي غبِّ سَمَاءٍ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ هَاجَ عَلَيْنَا ضَبَابٌ شَدِيدٌ وفقدت أصحابي حَتَّى مَا رَأَيْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، وَأَصَابَنِي مِنَ الْبَرْدِ وَالْجُوعِ وَالْعَطَشِ مَا اللَّهُ بِهِ أَعْلَمُ، وَتَحَيَّرْتُ عِنْدَ ذَلِكَ فَذَكَرْتُ دُعَاءً سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَلا حَوْلَ


[١] «ابن علي» ساقط من ت.
[٢] الخبر في تاريخ بغداد ٥/ ٣٩٦، ٣٩٧.
[٣] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصول، أوردناه من تاريخ بغداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>