للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطوفت فلما صرت فِي شارع دار الأنبار انتهيت إِلَى باب دار نظيف وعليه شجرة وعلى الباب خادم، فوقفت وقد عطشت، فقلت للخادم: عندك ماء تسقيني؟ فَقَالَ: نعم. وقام فأخرج قلة نظيفة طيبة الرائحة عَلَيْهَا منديل، فناولني فشربت، وحضر وقت العصر، فدخلت مسجدا عَلَى الباب، فصليت فلما قضيت صلاتي إذا أنا بأعمى يتلمس، فقلت: مَا تريد يا هَذَا؟ قَالَ: إياك أريد، قلت: وما حاجتك؟ فجاء حَتَّى قعد فَقَالَ:

شممت منك ريح الطيب فظننت أنك من أَهْل النعيم فأردت أن ألقي عَلَيْك شيئا، فقلت: قل، قَالَ: أترى هَذَا القصر؟ قلت: نعم، قَالَ: هَذَا قصر كَانَ لأبي فباعه وخرج إِلَى خراسان وخرجت معه فزالت عنا النعم الَّتِي كنا فيها، فقدمت فأتيت صاحب الدار لأسأله شيئا يصلني به وأصير إِلَى سوار فإنه كَانَ صديقا لأبي، قلت: ومن أبوك؟ قَالَ:

فلان بْن فلان، فإذا هو أصدق الناس إلي، فقلت لَهُ: يا هَذَا، فإن اللَّه قَدْ أتاك بسوار، منعه الطعام والنوم حَتَّى جاء به فأقعده بين يديك، ثُمَّ دعوت الوكيل فأخذت الدراهم منه فدفعتها إِلَيْهِ وقلت لَهُ: إذا كَانَ الغد فصر إِلَى المنزل. ثُمَّ مضيت فقلت: مَا أحدث أمير ٩٨/ ب الْمُؤْمِنِين بشيء أطرف من هَذَا. فأتيته فاستأذنت عليه فأذن لي، فدخلت وحدثته/ بالحديث، فأمر لي بألفي دينار فنهضت، فَقَالَ: اجلس، عَلَيْك دين؟ قلت: نعم، قَالَ:

كم؟ قلت: خمسون ألف دينار، فأمسك وجعل يحدثني ساعة، ثُمَّ قَالَ: امض إِلَى منزلك، فصرت إِلَى منزلي، فإذا خادم معه خمسون ألف دينار قَالَ: يَقُول لك أمير المؤمنين اقض بها دينك، فقبضتها، فلما كَانَ من الغد فأبطأ علي المكفوف، وأتاني رَسُول المهدي يدعوني، فجئته فَقَالَ: فكرت فِي أمرك فقلت: يقضي دينه ويحتاج إِلَى الحيلة والقرض وقد أمرت لك بخمسين ألف دينار، فقبضتها وانصرفت. فأتاني المكفوف فدفعت إِلَيْهِ الألفي دينار وقلت: قَدْ رزق اللَّه كلا بكرمه خيرًا كثيرًا، وأعطيته من مالي ألفي دينار.

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْقَزَّازِ، قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي [بن ثَابِتٍ] [١] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر الخالع [٢] فيما أذن لَهُ أن نرويه عنه، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن السري، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بْن خلف، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاق بن محمد بن إسحاق، قال [٣] :


[١] ما بين المعقوفتين: من ت.
[٢] في الأصول: «الخالقي» ، وما أوردناه من تاريخ بغداد.
[٣] الخبر في تاريخ بغداد ١/ ٩١، ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>