للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصندلي [١] قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حفص عُمَر بْن ياسر الْعَطَّار، عَنْ بِشْر بْن الحارث قَالَ: كَانَ أَبُو جَعْفَر الرّازيّ صديقا لسفيان الثوري، وكانت لَهُ معه بضاعة، وَكَانَ يكثر الحج، فكان إذا قدم الكوفة تلقاه سفيان من القنطرة، فإذا خرج إِلَى مكة شيعه إِلَى النجف، فقدم سنة من السنين مدينة السلام، فاجتمع إِلَيْهِ الأضراء. فقالوا: يا أبا جَعْفَر، تكلم لنا أمير المؤمنين فإنه قَدْ ولى علينا رجلا يقطع أرزاقنا، ويسيء فيما بيننا وبينه، فلم يجبهم إلى شيء فبلغ ذلك سفيان، فتلقاه عَلَى القنطرة وشيعه حَتَّى جاوز النجف، وزاده فِي البر، فَلَمَّا كَانَ العام المقبل قدم أَبُو جَعْفَر وَهُوَ يريد الحج، فاجتمع إِلَيْهِ الأضراء وكلموه بما كلموه به فِي العام الماضي، فرق لهم، فأتى باب الذهب فَقَالَ للحاجب استأذن لي عَلَى أمير المؤمنين فأخبره أن بالباب أبا جَعْفَر الرازي، فأسرع الرسول أن أدخل، فدخل على المنصور، فأكرمه بغاية الكرامة، وجعل يسأله عَنْ أحواله ويسأله هل لَهُ حاجة، فَقَالَ:

نعم، فقص عليه قصة الأضراء، فَقَالَ: يعزل عنهم كاتبهم، وولي عليهم من أحبوا، ١١٧/ ب ونأمر لأبي جَعْفَر بعشرة آلاف/ [درهم] [٢] لسؤاله إيانا هَذِهِ الحاجة، فلما صارت الدراهم بيده سقط في يديه، وعلم أنه قد أخطأ، فجلس بسور القصر، ثُمَّ دعا بخرق وجعلها صررا، وفرقها عَلَى قوم، فنفض ثوبه وليس معه منها شيء، فبلغ ذلك سفيان الثوري، فلما دخل أبو جعفر الرازيّ الكوفة توارى سفيان فطلبه، فلم يقدر عليه، وسأل عنه، فلم يدل عليه فانتقض عليه [٣] لذلك بعض إخوان سفيان فقال له: ألك إِلَيْهِ حاجة؟ فَقَالَ: نعم، فَقَالَ: اكتب كتابا وادفعه إلي أوصله لك إِلَيْهِ، فكتب كتابا ودفعه إليه. قَالَ: فصرت بالكتاب إِلَى سفيان، فإذا أنا به فِي غرفة وإذا هو مستلق عَلَى قفاه مستقبل القبلة، فسلمت عليه، وأظهرت الكتاب، وقلت: كتاب أبي جَعْفَر الرازي، فَقَالَ: أقرأه، فقرأته، فَقَالَ لي: اكتب جوابه فِي ظهره. فكتبت:

بسم الله الرحم الرحيم: وقلت: ماذا أكتب؟ قَالَ: أكتب لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ ٥: ٧٨ [٤] إِلَى آخر الآية..، اردد إلينا بضاعتنا لا حاجة لنا في أرباحها. قال: فأتيته بالكتاب والناس إذ ذاك متوافرون بالكوفة، فنظر في الكتاب، فأجمع رأيهم على أنهم يوجهون بكتابين إِلَى ابْن أبي ليلى، ولا يعلمونه ممن الكتاب ولا من صاحب الجواب ليعرفوا مَا عنده من الرأي، فوجهوا بالكتابين، فنظر فيهما، فقال:


[١] في ت: «الصيدلي» .
[٢] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٣] «عليه» ساقط من ت.
[٤] سورة: المائدة الآية: ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>