للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهب الفضل لطباخه مائة ألف درهم، فعاتبه أخوه في هذا، فقال: إن هذا صحبني وأنا لا أملك شيئا، واجتهد في نصحي، وقد قال الشاعر:

إن الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا ... من كان عاونهم في المنزل الخشن

[١] ووهب لبعض الأدباء عشرة آلاف دينار، فبكى الأديب، فقال: أتبكي استقلالا لها؟ قَالَ: لا والله، ولكن أسفا، كيف تواري الأرض مثلك [٢] .

وولى الرشيد الفضل أعمالا جليلة. بخراسان وغيرها، فلما غضب على البرامكة وقتل جعفرا خلد الفضل في الحبس مع أبيه يحيى، فلم يزالا محبوسين حتى ماتا في حبسهما [٣] .

مات يحيى سنة تسعين، ومات الفضل سنة اثنتين وتسعين، قبل موت الرشيد بشهور. وقيل: سنة ثلاث.

أخبرنا القزاز، أخبرنا أحمد بن علي، أخبرنا أبو القاسم الأزهري، أخبرنا أَحْمَد بْن إبراهيم، حَدَّثَنَا إبراهيم بْن مُحَمَّد بن عرفة، حدثنا محمد بن الحسين بن هشام، حدثنا علي بن الجهم، عن أبيه قال: لما أصبحت ذات يوم وأنا في غاية الضيقة، ما أهتدي إلى دينار ولا درهم، ولا أملك إلا دابة أعجف، وخادما خلعا، فطلبت الخادم فلم أجده/، ثم جاء فقلت: أَيْنَ كنت؟ فَقَالَ: كنت في احتيال شيء لك، وعلف لدابتك، فو الله ما قدرت عليه. فقلت: اسرج لي دابتي. فأسرجه، فركبت، فلما صرت في سوق يحيى إذا أنا بموكب عظيم، وإذا الفضل بن يحيى، فلما بصرني قَالَ: سر. فسرنا قليلا، وحجز بيني وبينه غلام يحمل طبقا على باب، يصيح بجارية، فوقف الفضل طويلا، ثم قَالَ: سر. ثم قَالَ: أتدري ما سبب وقفتي؟ قُلْتُ: إن رأيت أن تعلمني. قَالَ: كانت لأختي جارية، وكنت أحبها حبا شديدا، واستحي من أختي أن أطلبها منها، ففطنت أختي لذلك، فلما كان في هذا اليوم لبّستها وزيّنتها، وبعثت بها


[١] تاريخ بغداد ١٢/ ٣٣٦.
[٢] تاريخ بغداد ١٢/ ٣٣٨.
[٣] تاريخ بغداد ١٢/ ٣٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>