للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للجزع، وقد كان المأمون يعنى بالعلم قبل ولايته كثيرا حتى جعل لنفسه مجلس نظر.

أَخْبَرَنَا ابن ناصر قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الحسين بْنِ أَيُّوبَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو علي الطوماري قَالَ: أخبرنا أبو الحسين بن الفهم قَالَ: حدثنا يحيى بن أكثم قَالَ: كان المأمون قبل تقلده الخلافة يجلس للنظر، فدخل يهودي حسن الوجه، طيب الرائحة، حسن الثوب، فتكلم فأحسن الكلام، فلما تقوض المجلس دعاه المأمون فقال لَهُ: إسرائيلي؟ قَالَ: نعم. قَالَ: أسلم حتى أفعل لك وأصنع. فَقَالَ:

ديني ودين آبائي فلا تكشفني. فتركه، فلما كان بعد سنة جاءنا وهو مسلم، فتكلم في الفقه [١] ، فأحسن الكلام، فلما تقوض المجلس دعاه المأمون فَقَالَ: ألست صاحبنا؟

قَالَ: نعم. قَالَ: أي شيء دعاك إلى الإسلام، وقد كنت عرضته عليك فأبيت؟ قَالَ:

إني أحسن الخط، فمضيت فكتبت ثلاث نسخ من التوراة، فزدت فيها ونقصت وأدخلتها الكنيسة، فبعتها، فاشتريت. قَالَ: وكتبت ثلاث نسخ من الإنجيل، فزدت فيها ونقصت فأدخلتها إلى البيعة فاشتريت مني. قَالَ: وعمدت إلى القرآن فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت، وأدخلتها إلى الوراقين، فكلما تصفحوها قرءوا الزيادة والنقصان ورموا بها، فعلمت أن هذا الكتاب محفوظ، فكان سبب إسلامي.

قال يحيى بن أكثم: فحججت فرأيت سفيان/ بن عيينة فحدثته بهذا الحديث فقال لي: مصداق هذا في كتاب الله عز وجل. قُلْتُ: في أي موضع؟ قَالَ: في قوله عز وجل في التوراة والإنجيل: بِمَا اسْتُحْفِظُوا من كِتابِ الله وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ ٥: ٤٤ [٢] فجعل حفظه إليهم فضاع. وقال الله عز وجل: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ ١٥: ٩ [٣] .

فحفظه الله تعالى علينا فلم يضع.

أخبرنا القزاز [٤] قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا الحصين بن أبي بَكْر قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عبد الله الشافعي قال: حدثنا عمر بن حفص السدوسي قال:


[١] في الأصل: «فتكلم علي للفقه» .
[٢] سورة: المائدة، الآية: ٤٤.
[٣] سورة: الحجر، الآية: ٩.
[٤] في ت: «أخبرنا القرآن» .

<<  <  ج: ص:  >  >>