للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السرايا انحاز إلى الكوفة، فوثب محمد بن محمد ومن معه من الطالبيين على دور بني العباس ودور مواليهم وأتباعهم بالكوفة فانتهبوها وهدموها وأحرقوها، وخربوا ضياعهم، وأخرجوهم من الكوفة، وعملوا في ذلك عملا قبيحا، واستخرجوا الودائع التي كانت لهم عند الناس فأخذوها [١] .

وبعث أبو السرايا إلى مكة حسين بن حسن/ بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طَالِب، وبعث إلى المدينة محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب ليأخذها، وكان الوالي على مكة والمدينة داود بن عيسى بن مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاس.

فأما المبعوث إلى المدينة فإنه دخلها، ولم يمنعه أحد. وأما المبعوث إلى مكة فإنه لما مضى توقف هنيهة لمن فيها، وكان داود بن عيسى لما بلغه توجيه أبي السرايا حسين بن حسن جمع موالي بني العباس والعبيد، وكان مسرور الكبير الخادم قد حج تلك السنة في مائتي فارس من أصحابه، وتعبأ لحرب من يريد دخول مكة من الطالبيين، فقال لداود: أقم لي شخصك أو شخص بعض ولدك، وأنا أكفيك قتالهم. فقال له داود:

لا استحل القتال في الحرم، والله لئن دخلوا من هذا الفج لأخرجن من هذا الفج.

فانحاز داود من مكة وقال لابنه: صل بأهل الموسم، وبت بمنى، ثم الحقني وخشي مسرور أن يقاتل فيميل عنه أكثر من جمع. فخرج إلى العراق، ودفع الناس لأنفسهم من عرفة بغير إمام، حتى أتى مزدلفة، فصلى بهم المغرب والعشاء رجل من عرض الناس من أهل مكة، وحسين بن حسن واقف يرهب أن يدخل مكة فيدفع عنها، فخرج إليه قوم يميلون إلى الطالبيين فأخبروه أن الأماكن قد خلت من السلطان، فدخل قبيل المغرب ومعه نحو من عشرة، فطافوا وسعوا، ومضوا إلى عرفة بالليل، ثم رجع إلى مزدلفة فصلى بالناس الفجر، ودفع بالناس، وأقام بمنى أيام الحج/، فلم يزل مقيما بها حتى انقضت سنة تسع وتسعين، وأقام محمد بن سليمان الطالبي بالمدينة حتى انقضت سنته أيضا [٢] .


[١] انظر: تاريخ الطبري ٨/ ٥٣٠- ٥٣١.
[٢] انظر: تاريخ الطبري ٨/ ٥٣١، ٥٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>