للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو كان هذا كذا لم تكن ... لتتركني نهزة للكرب

وأنت ببغداد ترعى بها ... نبات اللذاذة مع من تحب

فيا من جفاني ولم أجفه ... ويا من شجاني بما في الكتب

كتابك قد زادني صبوة ... وأشعر قلبي بحر اللهب

فهبني نعم قد كتمت الهوى ... فكيف بكتمان دمع سرب

ولولا اتقاؤك يا سيدي ... لوافتك بي الناجيات النحب

فلما قرأ الرشيد كتابها أنفذ من وقته خادما على البريد/ حتى حدروها [١] إلى بغداد في الفرات.

وروينا أن الرشيد غضب على علية، فأمرت أبا حفص الشطرنجي أن يقول شعرا يعتذر فيه عنها فَقَالَ:

لو كان يمنع حسن العقل صاحبه ... من أن يكون له ذنب إلى أحد

كانت علية أيدي الناس كلهم ... من أن تكافى بسوء آخر الأبد

ما لي إذا غبت لم أذكر بواحدة ... وإن سقمت وطال القسم لم أعد

ما أعجب الشيء أرجوه فأكرمه ... قد كنت أحسب أني قد ملأت يدي

فغنى بها الرشيد فأحضرها وقبل رأسها وقَالَ: لا أغضب عليك أبدا.

وقال عبد الله بن الفضل بن الربيع: دخلت على أبي حفص الشطرنجي أعوده في علته التي مات فيها، فأنشدني لنفسه:

نعى لك ظل الشباب المشيب ... ونادتك باسم سواك الخطوب

فكن مستعدا لداعي الفنا ... فإن الذي هو آت قريب

ألسنا نرى شهوات النفوس ... تفنى وتبقى علينا الذنوب

وقبلك داوى المريض الطبيب ... فعاش المريض ومات الطبيب

يخاف على نفسه من يتوب ... فكيف ترى حال من لا يتوب


[١] في ت: «حتى حدوها» .

<<  <  ج: ص:  >  >>