للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عجوزا من موالينا، فدققت عليها الباب، فخرجت فلما رأتني بكت وحمدت الله تعالى على سلامتي، وأدخلتني الدار ثم بكرت وسعت بي، فما شعرت إلا بإسحاق بخيله ورجله قد أحاط بالدار، فأخرجني حتى وقفني بين يدي المأمون حافيا حاسرا، فلما بصرني المأمون سجد طويلا ثم رفع رأسه. فَقَالَ: يا فضل، تدري لم سجدت؟ فقلت:

شكرا للَّه إذ أظفرك الله بعدو [١] دولتك والمغري بينك وبين أخيك. فَقَالَ: ما أردت هذا، ولكني سجدت شكرا للَّه تعالى على أن أظفرني بك وألهمني [من] [٢] العفو عنك، حدثني بخبرك. فشرحته من أوله إلى آخره فأمر بإحضار المرأة مولاتنا، وكانت في الدار تنتظر الجائزة فقال لها: ما حملك على ما فعلت مع إنعامه [٣] وإنعام أهله عليك؟ قالت:

رغبت في المال قال: فهل لك من ولد أو زوج أو أخ؟ قالت: لا فأمر بضربها مائتي سوط، وأن تخلد الحبس، ثم قال لإسحاق: أحضر الساعة الجندي وامرأته والمزين فأحضروا، فسأل الجندي عن السبب الذي حمله على فعله، فقال: الرغبة في المال.

فَقَالَ: أنت أولى [٤] أن تكون حجاما ليس يحسن أن يكون مثلك [٥] من أوليائنا وأمر بأن يسلموه [٦] إلى المربين في الدار [٧] ويوكل به من يسومه تعلم الحجامة، وأمر باستخدام زوجته في قهرمة دور حرمه. وقَالَ: هذه امرأة عاقلة دينة، وأمر بتسليم دار/ الجندي وقماشه [٨] إلى المزين، وأن يجعل رزقه لَهُ، ويجعل [٩] جنديا مكانه. وأطلقني إلى داري فرجعت آمنا مطمئنا [وفي رواية أخرى: أن المأمون أمر لتلك المرأة التي أمرته أن يخرج مخافة شر زوجها بثلاثين ألف درهم، فقالت: لست آخذ على فعل فعلته له جزاء إلا منه. وردت المال. وتوفي الفضل في ذي القعدة من هذه السنة] [١٠] .


[١] في ت: «أظفرك بعدو» .
[٢] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٣] في الأصل: من إنعامه.
[٤] «أولى» ساقطة من ت.
[٥] في ت: «أن تكون حجاما أولى من أن يكون من ... » .
[٦] في ت: «وأمر أن يسلم» .
[٧] «في الدار» ساقطة من ت.
[٨] في ت: «وفرسه» .
[٩] في ت: «وأن يجعله مثله وجعل» .
[١٠] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>