للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحراني- والحراني [١] هُوَ: إبراهيم بْن ذكوان- ومنزل آخر [٢] فوق الجسر، وَهُوَ المعروف بساباط/ عمرو بن مسعدة [٣] . ٣/ ب توفي بأذنة في هذه السنة، ورفع إِلَى المأمون أنه خلف ثمَانين ألف ألف درهم، فوقع: «هَذَا قليل لمن اتصل بنا وطالت خدمته لنا [٤] ، فبارك الله لولده فيه» .

ولعمرو بْن مسعدة حكايات ظريفة:

أنبأنا مُحَمَّد بْن عبد الباقي البزاز [٥] قَالَ: أَنْبَأَنَا عَلِي بْن المحسن التنوخي، عَنْ أَبِيهِ: أن عَمْرو بْن مسعدة قَالَ: كنت مَعَ المأمون عند قدومه من بلاد الروم، حَتَّى إذا نزل الرقة قال: يا عمرو، أوما ترى الرخجي قد احتوى عَلَى الأهوار، وجمع الأموال وطمع فيها، وكتبي تصل [٦] إِلَيْهِ فِي حملها، وَهُوَ يتعلل ويتربص بي الدوائر؟! فقلت: أنا أكفي أَمِير الْمُؤْمِنِينَ هَذَا، وأنقذ من يضطره إِلَى حمل مَا عَلَيْهِ.

فَقَالَ: مَا يقنعني هَذَا. قلت: فيأمر أَمِير الْمُؤْمِنِينَ بأمره. قَالَ: تخرج إليه بنفسك حَتَّى تصفده بالحديد وتحمله إِلَى بغداد، وتقبض عَلَى جميع مَا فِي يديه من أموالنا، وتنظر فِي العمل، وترتب فيه عمَالا.

فقلت: السمع والطاعة. فلمَا كَانَ من الغد، دخلت إليه فاستعجلني، فانحدرت فِي زلال أريد البصرة، واستكثرت من الثلج لشدة الحر، فلمَا صرت بين جرجرايا وجيل سمعت صائحا من الشاطئ يصيح: يَا ملاح، فرفعت سجف الزلال، فإذا شيخ كبير السن، حاسر، حافي القدمين، خلق القميص.

فقلت للغلام: / أجبه فأجابه، فَقَالَ: يَا غلام، أنا شيخ كبير السن، على هذه ٤/ أالصورة التي ترى، وقد أحرقتني الشمس وكادت تتلفني، وأريد جيل، فاحملوني معكم، فإن الله يأجركم. فشتمه الملاح وانتهره، فأدركتني عَلَيْهِ رقة [٧] ، فقلت للغلام: خذوه معنا. فحملناه، فتقدمت بدفع قميص ومنديل إليه [فغسل وجهه


[١] «والحراني» ساقطة من ت.
[٢] في ت: «والمنزل الآخر» .
[٣] تاريخ بغداد ١٢/ ٢٠٣، ٢٠٤.
[٤] «لنا» ساقطة من ت.
[٥] في الأصل: «الرزاز» . وفي ت: «البراز» .
[٦] في ت: «متصلة» .
[٧] في ت: «فأدركتني رقة عليه» .

<<  <  ج: ص:  >  >>