للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عشرين سنة. قلت: لمن هَذِهِ الدار؟ قَالَ: لابن داية أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ الآن جهبذه وصاحب بيت مَاله. قلت: بمن يعرف؟ قَالَ: بابن فلان الصيرفي. فأسمَاني قلت: هَذِهِ الدار من باعها عَلَيْهِ؟ قَالَ: هَذِهِ دار أبيه. قلت: فهل يعيش أبوه؟ قَالَ: لا. قلت:

أفتعرف من حديثهم شيئا؟ قَالَ: نعم، حَدَّثَنِي أبي أن هَذَا الرجل كَانَ صيرفيا جليلا فافتقر، وأن أم هَذَا الصبي ضربها الطلق [١] ، فخرج أبوه يطلب لها شيئا، ففقد وهلك قَالَ لي أبي: فجاءني رسول أم هَذَا تستغيث بي، فقمت لها [٢] بحوائج الولادة، ودفعت إليها عشرة دراهم فأنفقتها، حَتَّى قيل: [قد] [٣] ولد لأمير الْمُؤْمِنِين [الرشيد] [٤] مولود ذكر، وقد عرض عَلَيْهِ [جميع] [٥] الدايات فلم يقبل لثدي أحد منهن [٦] ، وقد طلب له ٧/ أالحرائر فجاءوا بغير واحدة، فمَا أخذ ثدي واحدة [٧] منهن/، وهم فِي طلب مرضع، فأرشدت الَّذِي طلب الداية إِلَى أم هَذَا، فحملت إِلَى دار أم أَمِير الْمُؤْمِنِينَ [٨] الرشيد، فحين وضع فم الصبي عَلَى ثديها قبله فأرضعته، وَكَانَ الصبي المأمون، وصارت عندهم فِي حالة جليلة، ووصل إليها منهم خير عظيم، ثم خرج المأمون إِلَى خراسان، فخرجت هَذِهِ المرأة وابنها هَذَا معه، ولم نعرف من أخبارهم شيئا إلا من قريب، لمَا عاد المأمون وعادت حاشيته، رأينا هَذَا قد جاء رجلا وأنا لم أكن رأيت هَذَا قط قبل هَذَا، فقيل [٩] : هَذَا ابْن فلان الصيرفي وابن داية أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، فبنى هَذِهِ الدار وسواها، قلت: أفعندك علم من أمه؟ أحية هي أم ميتة؟ قَالَ: حية تمضي إِلَى دار الخليفة أيامَا وتكون عند ابنها أيامَا [وهي الآن ها هنا] [١٠] . فحمدت الله عز وجل عَلَى هَذِهِ الحالة، وجئت فدخلت الدار مَعَ الناس، فرأيت الصحن فِي نهاية العمَارة والحسن، وفيه مجلس كبير مفروش [بفرش فاخر] [١١] ، وفي صدره شاب وبين يديه كتاب وجهابذة وحساب، وَفِي صفاف الدار جهابذة بين أيديهم الأموال والتخوت والشواهين يقضون ويقبضون وبصرت بالفتى فرأيت شبهي فيه، فعلمت أنه ابني، فجلست في غمار الناس إلى أن لم


[١] في ت: «الطلق به» .
[٢] «فقمت لها» ساقطة من ت.
[٣] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٤] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٥] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٦] في ت: «فلم يقبل أثداهن» .
[٧] في ت: «أحدا» .
[٨] في ت: «دار أمير المؤمنين» .
[٩] في ت: «هذا قط فقالوا» .
[١٠] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[١١] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>