للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرجع فِي الدين من ضرره مَا ينال [١] المسلمين من القول فِي القرآن، فقد تزين فِي عقول أقوام أنه ليس بمخلوق، فضاهوا قول النصارى فِي عيسى إنه ليس/ بمخلوق ١٠/ ب والله تعالى يقول: إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا ٤٣: ٣ [٢] وتأويل ذلك: إنا خلقناه، كمَا قَالَ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها ٧: ١٨٩ [٣] .

وقال: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً ٧٨: ١٠- ١١ [٤] وَجَعَلْنا من الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ٢١: ٣٠ [٥] .

وقال: في لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ٨٥: ٢٢ [٦] فدل عَلَى إحاطة اللوح بالقرآن، ولا يحاط إلا بمخلوق.

وقال: مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ من رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ ٢١: ٢ [٧] .

وقال: لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا من خَلْفِهِ ٤١: ٤٢ [٨] فجعل لَهُ أولا وآخرا، فدل عَلَى أَنَّهُ محدود مخلوق.

وقد عظم هؤلاء الجهلة بقولهم فِي القرآن الثلم فِي دينهم، وسهلوا السبيل لعدو الْإِسْلَام، واعترفوا بالتبديل والإلحاد عَلَى أنفسهم [٩] ، حتى وصفوا خلق الله وأفعاله [١٠] بالصّفة التي هي للَّه عز وجل وحده، وشبهوه [١١] به والاشتباه أولى بخلقه [١٢] ، وليس يرى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ لمن قَالَ بهذه المقالة حظا فِي الدين، ولا نصيبا من الإيمَان [واليقين] [١٣] ولا يرى أن يحلّ أحدا منهم [١٤] محل الثقة فِي أمَانة، ولا عدالة ولا شهادة، ولا تولية لشيء من أمر [١٥] الرعية، وإن ظهر قصد بعضهم، وعرف بالسداد مسدد فيهم، فإن الفروع مردودة إِلَى أصولها، ومحمولة فِي الحمد والذم عَلَيْهَا، ومن كَانَ جاهلا بأمر دينه


[١] في الأصل: «من صدره ما ينال» .
[٢] سورة: الزخرف، الآية: ٣.
[٣] سورة: الأعراف، الآية: ١٨٩.
[٤] سورة: النبأ، الآية: ١١.
[٥] سورة: الأنبياء، الآية: ٣٠.
[٦] سورة: البروج، الآية: ٢٢.
[٧] سورة: الأنبياء، الآية: ٢.
[٨] سورة: فصلت، الآية: ٤٢.
[٩] في الطبري: «على قلوبهم» وفي إحدى نسخه: «أنفسهم» .
[١٠] في الطبري: «وفعله» .
[١١] في الأصل: «وشبهوا» .
[١٢] في الأصل: «لا تلحقه» . وفي ت: «بلحقه» .
[١٣] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[١٤] في الأصل ت: «كل أحد منهم» .
[١٥] «أمر» ساقطة من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>