قَالَ أَبُو عمران الجوني: لما مثل موسى عَلَيْهِ السَّلام جعل يبكي وَيَقُول: لست أجزع للموت ولكني أجزع أَن ييبس لساني عَنْ ذكر اللَّه عِنْدَ الْمَوْت.
قَالَ: وَكَانَ لموسى ثَلاث بنات فدعاهن فَقَالَ: يا بناتي، إِن بَنِي إِسْرَائِيل سيعرضون عليكن الدُّنْيَا بعدي فلا تقبلن منها شَيْئًا تلقطن هَذَا السنبل فافركنه ثُمَّ كلنه، وستبلغن بِهِ إِلَى الْجَنَّة.
قَالَ علماء السير: توفي موسى بَعْد هَارُون بثلاث سنين، وأوصى إِلَى يوشع، وتوفي بباب لد.
قَالَ أَبُو جَعْفَر الطبري [١] : كَانَ جميع مدة عُمَر موسى عَلَيْهِ السَّلام مائة وعشرين سَنَة، عشرون منها فِي ملك أفريدُونَ، ومائة منها فِي ملك منوشهر، وَكَانَ ابتداء أمره منذ بعثه اللَّه نبيا إِلَى أَن قبضه اللَّه فِي ملك منوشهر.
واختلفوا: هل مَات بأرض الشام أم لا عَلَى قولين: أحدهما أَنَّهُ توفي بأرض التيه، وَقَدْ روينا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَاتُوا كلهم فِي التيه وموسى وهارون، وَلَمْ يدخل بَيْت المقدس إلا يوشع، وكالب بْن يوفنا، والحَدِيث الَّذِي قدمناه يدل عَلَى هَذَا.
والقول الآخر: لما مضت الأربعون خرج موسى ببني إِسْرَائِيل من التيه، وَقَالَ لَهُمْ: ادخلوا القرية فكلوا منها حيث شئتم. قاله الرَّبِيع بْن أَنَس، وعَبْد الرَّحْمَنِ بْن زَيْد.
وَقَالَ ابْن جَرِير: وَهَذَا هُوَ الصحيح، وإن موسى هُوَ الَّذِي فتح قرية الجبارين مَعَ الصالحين من بني إسرائيل لأن أَهْل السير أجمعوا أَن موسى هُوَ قاتل عوج، وَكَانَ عوج ملكهم، وَكَانَ بلعام فيمن سباه/ سباه موسى وقتله.
قَالَ أَبُو الْحُسَيْن بْن المنادي: وَقَدْ قيل: إِن الْيَهُود لا تدري أين قبر موسى وهارون، ولو علموا لاتخذوهما إليهن من دون الله.