للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجعل علماء بَنِي إسرائيل يدعون اللَّه ويقولون: اللَّهمّ أجب اليوم عبدك فَإِنَّهُ قَدِ اعتصم بك وحدك ولا تخل بينه وبين عدوك، واذكر حبه إياك، وفراقه أمه.

فألقى اللَّه عَلَيْهِم النوم وَهُوَ فِي مصلاه ساجدا ثُمَّ أتاه آت من اللَّه تَعَالَى، فَقَالَ لَهُ:

يا أسا إِن الحبيب لا يسلم حبيبه، وإن اللَّه تَعَالَى يَقُولُ: إني قَدْ ألقيت عليك محبتي، ووجب لَكَ نصري، وأنا الَّذِي أكفيك عدوك، فَإِنَّهُ لا يهون [من توكل] [١] عَلِي، ولا يضعف من تقوى بي، كنت تذكرني فِي الرخاء، وأسلمك فِي الشدائد، وكنت تدعوني آمنا، وأسلمك خائفا، أقسم لو كايدتك السموات/ وَالأَرْض بمن فيهن لجعلت لَكَ من جميع ذَلِكَ مخرجا، فإني معك، ولن يخلص إليك ولا إلى من معك أحد.

فخرج أسا من مصلاه وَهُوَ يحمد اللَّه، مسفرا وجهه، فأخبرهم بِمَا قيل لَهُ فصدقه المؤمنون وكذبه المنافقون.

فقدم رسل من زرح فدخلوا إيلياء ومعهم كتب إِلَى أسا فِيهَا شتم لَهُ ولقومه، وتكذيب باللَّه، وكتب فِيهَا: أَن ادع صديقك فليبارزني بجنوده.

فلما قرأها دَخَلَ مصلاه، ونشرها بَيْنَ يدي اللَّه تَعَالَى، ثُمَّ قَالَ: اللَّهمّ لَيْسَ بي شَيْء من الأشياء أحب إلي من لقائك، غَيْر أني أتخوف أَن يطفأ هَذَا النور الَّذِي أظهرته فِي أيامي هذه.

فأوحى اللَّه إِلَيْهِ أَنَّهُ لا تبديل لكلماتي، ولا خلف لموعدي، فأخرج من مصلاك، ثُمَّ مر خيلك أَن تجتمع، ثُمَّ أخرج بهم وبمن اتبعك حَتَّى تقفوا عَلَى نشز [من الأَرْض] [٢] .

فخرج فأخبرهم الْخَبَر وَمَا قيل لَهُ، فخرج اثنا عشر رجلا من رءوسهم، مَعَ كُل رجل [مِنْهُم] [٣] رهط من قومه، وودعوا أهاليهم وداع من لا يرجع إِلَى الدنيا، ووقفوا عَلَى رابية من الأَرْض فأبصرهم زرح، قَالَ: إِنَّمَا نهضت من بلادي وأنفقت أموالي لمثل هَؤُلاءِ، ثُمَّ دعا بالنفر الَّذِينَ قدموا عَلَيْهِ يشكون من أسا وقومه، فَقَالَ: زعمتم أن قومكم


[١] ما بين المعقوفتين: من تاريخ الطبري.
[٢] ما بين المعقوفتين: من تاريخ الطبري.
[٣] ما بين المعقوفتين: من تاريخ الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>