للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمغرب، وفي بلادهم معادن من الذهب، كانوا يقاسمون من يعمل فيها، ويؤدون إِلَى عمَال مصر فِي كل سنة شيئا من معادنهم، فامتنعوا من أداء الخراج، فعلم المتوكل، فشاور فِي أمرهم، فقيل لَهُ: إنهم أصحاب إبل والوصول [إليهم و] [١] إلى بلادهم صعب، وبينها وبين أرض الْإِسْلَام مسيرة شهر، فِي أرض مقفرة وجبال وعرة، لا مَاء فيها ولا زرع [٢] .

فأمسك المتوكل عنهم [٣] ، ثم تفاقم أمرهم، حَتَّى خاف أهل مصر عَلَى أنفسهم منهم، فولي المتوكل مُحَمَّد بْن عبد الله القمي/ محاربتهم، وتقدم إليه أن يكاتب ١١٩/ أعنبسة بْن إسحاق الضبي [٤] العامل عَلَى حرب مصر، وكتب إِلَى عنبسة بإعطائه جميع مَا يحتاج إليه من الجند، فأزاح عنبسة علته فِي ذلك، فخرج إِلَى أرض البجه فِي عشرين [٥] ألفا، وحمل فِي البحر سبع مراكب موقرة بالدقيق والسويق والتمر والزيت عشرين [٥] ألفا، وحمل فِي البحر سبع مراكب موقرة بالدقيق والسويق والتمر والزيت والشعير، وأمر قومَا من أصحابه أن يوافوه بِهَا فِي ساحل أرض البجة [٦] .

فلمَا صار إِلَى حضرتهم [٧] خرج إليه ملكهم، فجعل يطاوله الأيام ولا يقاتله [٨] .

فلمَا ظن أن الأزواد قد فنت، أقبلت المراكب السبعة، فلمَا رأى أمير البجه ذلك حاربهم، واقتتلوا قتالا شديدا، وكانت الإبل التي يحاربون عَلَيْهَا زعرة تفزع من كل شيء، فجمع مُحَمَّد بْن عبد الله جميع أجراس الإبل والخيل التي كانت [٩] فِي عسكره، فجعلها فِي أعناق الخيل، ثم حمل عليهم فتفرقت إبلهم لأصوات الأجراس، واشتد رعبها، فحملتهم عَلَى الجبال والأودية، ومزقتهم كل ممزق [١٠] ، واتبعهم القمي قتلا وأسرا، وذلك فِي أول سنة إحدى وأربعين، ثم رجع إِلَى عسكره [١١] ، فوجدهم قد صاروا إِلَى موضع يأمنون فيه، فوافاهم بالخيل، فهرب ملكهم، فأخذ تاجه ومتاعه، فطلب ملكهم الأمَان عَلَى نفسه عَلَى أن يرد إِلَى ملكه، فأعطاه القمي ذلك، فأدى إليه


[١] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٢] انظر: تاريخ الطبري ٩/ ٢٠٤.
[٣] «فأمسك المتوكل عنهم» ساقطة من ت.
[٤] «الضبي» ساقطة من ت.
[٥] في ت: «في عشرة» .
[٦] انظر: النجوم الزاهرة ٢/ ٢٩٧.
[٧] في ت: «إلى حصونهم» .
[٨] انظر: تاريخ الطبري ٩/ ٢٠٥.
[٩] «كانت» ساقطة من ت.
[١٠] «ممزق» ساقطة من ت.
[١١] في ت: «إلى معسكره» .

<<  <  ج: ص:  >  >>